[شرح طرق وروايات أخرى لحديث أنس في قصة العرنيين]
قال: [وحدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا زهير حدثنا سماك بن حرب عن معاوية بن قرة عن أنس رضي الله عنه قال: (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من عرينة فأسلموا وبايعوه، وقد وقع في المدينة الموم)] وهو البرسام، وهو اسم فارسي معرب وهو نوع من اختلال العقل، ويطلق على ورم الرأس وورم الصدر، وهو يشبه سرطان المخ، أو شيء من هذا.
قال: [ثم ذكر نحو حديثهم وزاد: (وعنده شباب من الأنصار قريب من عشرين)] أي: النبي عليه الصلاة والسلام لما سمع بما فعل هؤلاء بالرعاة وبالإبل التفت إلى من بجواره فوجدهم قرابة عشرين شاباً من الأنصار.
[(فأرسلهم إليهم وبعث معهم قائفاً يقتص أثرهم)] والقائف: هو من ألحق الشبه بشبهه، والمثيل بمثيله، والأثر بالمؤثر، فهو الذي يعرف الأشباه والنظائر.
أما علمتم حديث النبي عليه الصلاة والسلام في أمر زيد بن حارثة وولده أسامة، وكان زيد أبيض وأسامة أسود أو العكس على ما أذكر، وكانت العرب تقول: إن أسامة ليس أبناً لـ زيد، فقد كانوا يرمون أمه بالزنا رضي الله عنها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأذى بكلام العرب، أو بغمز بعض المسلمين في هذا الأمر، فجاء أعرابي قائف إلى بيت النبي عليه الصلاة والسلام وعنده زيد وأسامة نائمان قد بدت أرجلهما -يعني: هو لا يعرف لا أسامة ولا يعرف زيداً فضلاً أنهما نائمان ومغطيان ولم يبد منهما إلا أطراف الأقدام- فقال الرجل لنبي الله عليه الصلاة والسلام: يا رسول الله! إن هذه الأقدام بعضها من بعض.
يعني: هذا أبو ذاك أو ذاك ولد هذا.
ففرح بذلك النبي عليه الصلاة والسلام وقال لـ عائشة (أما سمعت ما قال الرجل في زيد وابنه أسامة إن هذه الأقدام بعضها من بعض).
فالقائف هو الذي يعرف الآثار في الصحراء، ويفرق بين أثر قدم الشاة والغنم مع أنهما متحدتان، لكنه إذا نظر في الأثر عرف أنها شاة، أو معز أو خف بعير.
أنتم تعلمون أن قريشاً ما تتبعت أثر خروج النبي عليه الصلاة والسلام هو وأبو بكر لما خرج إلى غار ثور إلا بآثار البعيران اللذان رباهما أبو بكر رضي الله عنه في هذه الرحلة.
قال: (وبعث معهم قائفاً يقتص أثرهم)، فالقائف مهمته هي معرفة الطريق الذي صاروا فيه.
قال: [حدثنا هداب بن خالد، حدثنا همام -وهو ابن يحيى بن دينار - قال: حدثنا قتادة عن أنس.
(ح) وحدثنا ابن المثنى -وهو محمد - حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد عن قتادة -وسعيد الذي يروي عن قتادة هو سعيد بن أبي العروبة - عن أنس وفي حديث همام: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم رهط من عرينة.
وفي حديث سعيد: من عكل وعرينة، بنحو حديثهم.
وحدثني الفضل بن سهل الأعرج حدثنا يحيى بن غيلان حدثنا يزيد بن زريع عن سليمان بن طرخان التيمي عن أنس قال: (إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك؛ لأنهم سملوا أعين الرعاء)].
أي: الجزاء من جنس العمل، مع أنه نهى عن المثلة؛ فإنه سمل أعين الرعاة قصاصاً.