[باب في دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني]
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أما بعد: فمع الباب الحادي عشر والأخير من كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات وهو (باب: في دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني).
الدية تكون في القتل العمد على القاتل إذا عفا أهل القتيل عن القصاص، بخلاف القتل الخطأ أو شبه العمد فإن الدية على العاقلة، وسميت العاقلة بهذا الاسم؛ لأنها تأتي بالدية وتعقلها في دار أولياء القتيل.
فقوله:(باب دية الجنين).
أي: باب إثبات دية الجنين ووجوب الدية في القتل الخطأ، إلا أن يعفو الأولياء.
وكذلك وجوب الدية في شبه العمد على عاقلة الجاني.
وهناك فرق بين قتل العمد، وشبه العمد، والخطأ؛ لأن هذه الصور الثلاث يتم بها القتل، فمنه ما يكون عمداً كأن يقصد قتل فلان بمحدد، أو بمثقل، أو بآلة من شأنها القتل، فيضربه بها فيقتله، ويزداد هذا العمد بظروف أخرى ربما يكون لها تأثير فيما يسمى عند الفقهاء بالإصرار على القتل، كأن يحمل معه آلة من شأنها القتل كالسكين، أو غير ذلك، أو أن يتلصص أو يختبأ للمجني عليه في مكان يعلم يقيناً أن المجني عليه يمر به عادة الساعة الفلانية أو في الوقت الفلاني، أو أن يكون الظرف يساعد على إيقاع الجريمة كالليل مثلاً، سواء كانت جريمة قتل أو جريمة سرقة أو غير ذلك.
وشبه العمد: هو استخدام آلة غير قاتلة ووقع بها القتل، هو أراد أن يضرب فلاناً لا أن يقتله، فلما ضربه بآلة ليس من شأنها القتل قتل، وربما أراد أن يقتل فلاناً من الناس فضربه بسهم فأصاب السهم رجلاً آخر.
فهذه صورة الخطأ لا تنفي عنه عقوبة شبه العمد؛ لأنه تعمد القتل عموماً، ولكنه لم يقتل من تعمده إنما قتل شخصاً آخر، ويميز هذا من ذاك الآلة التي استخدمها، وهذا قد تكلمنا فيه بالتفصيل في الدروس الماضية.