قال:[حدثني محمد بن عبيد الغبري حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب -وهو ابن أبي تميمة السختياني البصري - عن أبي الخليل الضبعي وهو صالح بن أبي مريم البصري] وثقه ابن معين والنسائي، ولكن ابن عبد البر جازف على غير عادته، وقال: لا يحتج به، وابن معين معلوم أنه من المتشددين جداً في النقد، والنسائي أشد منه، حتى قيل: إن للنسائي في سننه شرطاً هو أقوى من شرط البخاري في صحيحه؛ ولذلك العلماء مختلفون: هل سنن أبي داود مرتبتها بعد الصحيحين أو النسائي؟ فجماهير المحدثين على أن سنن النسائي في المرتبة والقوة بعد الصحيحين، وقبل سنن أبي داود؛ لأن النسائي له شرط في كتابه أسدُّ وأشدُّ وأقوى من شرط أبي داود، بل من شرط البخاري ومسلم، لكنه يخالف ذلك كثيراً، وعلى أية حال: هو لم يشترط على نفسه الصحة، ولم يسم كتابه بالصحيح.
قال: [عن أبي الخليل الضبعي عن مجاهد -وهو مجاهد بن جبر المكي تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: (أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن؛ فجعل القوم يذكرون شجراً من شجر البوادي، قال ابن عمر: وألقي في نفسي أو رُوعي)]، وليس رَوعي؛ والرُّوع بضم الراء هو النفس، وأما الرَّوع فهو الرعب والفزع.
[(قال ابن عمر: وألقي في نفسي أو رُوعي أنها النخلة، فجعلت أريد أن أقولها)] يعني: يهم أن يقول: هذه النخلة، [(فإذا أسنان القوم)] يعني: أكبر الناس سناً [(فأهاب أن أتكلم)] يعني: كلما أراد أن يتكلم ويقول: يا رسول الله! هي النخلة، يرى أسنان القوم فيرجع عن ذلك، ويهاب أن يتكلم في حضرتهم، فلما سكتوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [(هي النخلة)].