[باب لن يدخل أحد الجنة بعمله، بل برحمة الله تعالى]
الباب السابع عشر: لن يدخل أحد الجنة بعمله، بل برحمة الله تعالى.
إن الذي يدخل النار إنما يدخلها بعمله، والذي يدخل الجنة إنما يدخلها برحمة الله، والعمل سبب في ذلك، الله تبارك وتعالى قبل أن يخلق الخلق علم أن من عباده من يدخل الجنة، ومن عباده من يدخل النار، ولذلك خلق الله تعالى الجنة وخلق النار، فجعل لأهل الجنة قسماً، وجعل لأهل النار قسماً.
وقال:(يا أهل النار! خلود فلا موت، ويا أهل الجنة! خلود فلا موت).
فالله عز وجل علم ذلك أزلاً، وأما العمل الذي يعمله الإنسان فلا يستحق به النعيم في الجنة، ولو قلت: أنا رجل أصلي وأصوم وأزكي وأعمل كل الطاعات، وأترك كل المعاصي، فنقول: إن العمل وحده لا يكفي لدخول الجنة.
ولو عمِّر عبد ستين عاماً، وكتب الله تعالى له عبادة ستين عاماً منذ أن ولد وإلى أن مات، وأنه من أهل الطاعات، ولم يقترف ذنباً قط؛ فالمعادلة التي يعرفها الناس: أنه يتنعم ستين سنة ثم يخرج، حتى وإن خرج لا إلى نعيم ولا عذاب، وهذا الأصل، ولما يعمل شخص لك خدمة، فإنك ستعمل له أنت أيضاً خدمة، فإذا قال لك: أنا خدمتك، فإنك تقول له: وأنا أيضاً قد خدمتك، وانتهت القضية على هذا، لكن تصور لو أن عبداً كافراً نطق بالشهادتين ثم مات بعدها فوراً، ولم يدرك صلاة ولا صياماً ولا زكاة ولا حجاً ولا شيئاً من الطاعات مطلقاً، فإنه يدخل الجنة، ويتنعم فيها نعيماً أبدياً سرمدياً لا نهاية له، لأنه قال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ثم مات بعدها مباشرة، فهل كلمته هذه تساوي ذلك النعيم السرمدي الأبدي؟
الجواب
لا، لأن هذا العمل أو هذه الكلمة كانت سبباً في نجاته من النار ودخوله الجنة، وأما النعيم الذي يلقاه الإنسان في الجنة فهو فوق عناء الطاعة، وصبره على الامتناع عن المعاصي وغير ذلك، فهو مجرد سبب، وأما التنعم فهذا فضل الله تعالى.