للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعريف المحاربة]

المحاربة: هي المضادة والمخالفة، وهي صادقة على الكفر؛ لأن من كفر فقد حاد الله ورسوله، وشاق الله ورسوله، كما أن من ارتد بعد إيمانه وإسلامه فقد حاد الله ورسوله، وضاد الله ورسوله، فكذلك المحاربة تصدق على الردة، وعلى الكفر الأصلي، كما تصدق كذلك على قاطع الطريق.

فلو أن رجلاً انطلق خارج المصر فاتخذ له طريقاً غير مسلوكة، أو طريقاً مهجوراً، يخيف الناس، ويأخذ متاعهم، ويزهق أرواحهم، فلا شك أن هذا محارب، وعلى هذه الصورة ينطبق كلامنا في هذه الليلة، وكذلك من أخاف السبيل، أو أفسد في الأرض.

وبعض أهل العلم يعتبر أن أي إفساد في الأرض سواء كان في المصر أو خارجه من المحاربة.

والنبي عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث الذي هو غصة في حلوق كثير من العلمانيين: (من بدل دينه فاقتلوه).

وتبديل الدين يعني: الردة.

أي: من ارتد عن دين الإسلام فاقتلوه.

وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يحل قتل مسلم بغير حق).

وفي رواية: (إلا بثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه).

أي: الذي ارتد عن دينه.

والعلمانيون يوردون على هذا الحديث شبهاً ويقولون: إذا كان قوله عليه الصلاة والسلام: (من بدل دينه فاقتلوه) فإن النصراني إذا أسلم فقد بدل دينه، وإن اليهودي إذا أسلم فقد بدل دينه، حتى وإن كان هذا التبديل إلى الإيمان والتوحيد، فيجب قتله حينئذ.

والرد على هذه الشبهة وإن كانت لا تحتاج إلى رد؛ لأن هذا من كيس العلمانيين والملاحدة، الرد عليهم أن نقول: إن الدين عند الله الإسلام، فكل من كان على دين غير دين الإسلام فهو على دين الكفر عياذاً بالله، وإنما مهمة الأنبياء والرسل إخراج الناس من الكفر إلى الإيمان، فلما كان عيسى عليه السلام، أو موسى عليه السلام، أو نوح عليه السلام، أو غيرهم من الأنبياء في أزمانهم وجب على الناس اتباع كل نبي أرسل فيهم، فحينئذ لا يحل لهم تبديل ديانتهم مع وجود أنبيائهم أو مع عدم إرسال رسول آخر غيره.

أما وقد أرسل الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في العالمين فوجب على كل صاحب رسالة وشريعة ومتبع لنبي سابق أن يترك ذلك كله، وأن يكون تابعاً لنبينا عليه الصلاة والسلام، فمدار الأمر كله على ترك كل ديانة أو شريعة سبقت، واتباع شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، فيكون قوله: (من بدل دينه) أي: من بدل إسلامه وإيمانه بمحمد عليه الصلاة والسلام فإنما هو مرتد وقد استوجب القتل بهذه الردة، والخطاب موجه إلى أصحابه بالدرجة الأولى، وهو عام للأمة إلى قيام الساعة.

والمعنى: يا معشر الصحابة! من بدل دين الإسلام بعد أن دخل فيه فإنما حده القتل، وهو ضربة بالسيف.