وليس كل من عبد الله عز وجل وفي قلبه زيغ وضلال تشفع له هذه العبادة.
وقد تجد رجلاً من أهل البدع أو من الجهال أو العباد لا يحسن من دينه إلا العبادة فقط وبمجرد أن تلقى عليه شبهة يصدقها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة:(لا يزال الناس يسألونك عن العلم يا أبا هريرة! حتى يقول أحدهم: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول قائلهم: من خلق الله؟)، وهؤلاء هم أصحاب عبادة، قال أبو هريرة:(فإذا أنا ذات يوم في المسجد إذ دخل علي قوم من البادية، فقالوا: يا أبا هريرة! من خلق السماء؟ قلت: الله، قالوا: من خلق الأرض؟ قلت: الله، قالوا: من خلق كذا فظلوا يسألون عن العلم، قالوا: هذا الله خلق كل شيء، فمن خلق الله؟ فقال: فكان في يدي حصباء، أو قال: فتناولت كفاً من حصى فألقيته في وجوههم وقلت: قوموا عني صدق خليلي).
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر رواه البخاري ومسلم:(يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا؟ فتقولون: الله، فيقول: ومن خلق الله؟ فإذا بلغ بكم ذلك المبلغ فقولوا: أعوذ بالله من الشيطان، أو قال: فاستعيذوا بالله وانتهوا)، وفي رواية مسلم قال:(قولوا: آمنا بالله ورسوله).
فلا يغرنك عبادة أهل البدع، فإنما في قلوبهم مرض، ولذلك كان علي بن أبي طالب يؤدب العباد ويأمرهم بأن يتعلموا العلم أولاً، وأن يقفوا على ما يجب لله وما لا يجب له، وما يستحيل عليه من صفات النقص وغير ذلك، وكان يأمرهم أن يتعلموا دينهم أولاً، ثم إذا أرادوا أن يتفرغوا للعبادة تفرغوا لها، وهذا الكلام ذكره الخطيب البغدادي في كتاب الفقيه والمتفقه، كما ذكره أيضاً ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم وفضله، فمن أراد فليرجع إليه للاستزادة، فهو حسن إن شاء الله تعالى.
فأول بدعة هي بدعة الخوارج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟! قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي).
نسأل الله أن نكون منهم، وهم أهل السنة والجماعة.
يقول الإمام ابن تيمية: إن هذه الفرق الكثيرة التي هي ثلاث وسبعون مدارها على أربع فرق أو خمس، الخوارج، والقدرية، والمرجئة، والمعتزلة، والأشاعرة.
وهذا الكلام في الأجزاء الأول من الفتاوى، وهو كلام مبعثر في عدة مجلدات، وأحيلك على العشرة الأجزاء الأولى من الفتاوى، فارجع إليها واستفد من كلام شيخ الإسلام عليه رحمة الله، وإن شئت فارجع إلى كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.