للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاختلاف في كون وجوب الحج على الفور أو التراخي]

وبعد أن اتفق العلماء على أن الحج فرض عين، وقد ثبت فرضيته بكتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وإجماع أهل العلم، لكن بعد الاتفاق على فرضيته اختلفوا هل هو فرض على الفور أم على التراخي؟ واليوم العالم كله يعتبر الحج فرضاً على التراخي، فكل الناس وكل الجنسيات أول ما يتيسر لهم الحج بل ومن غير أن يتيسر يقصدون الحج مباشرة في موسم الحج والعمرة في رمضان إلا المصريين، يجلس أحدهم ستين سنة أو سبعين سنة ويقول: أزوج العيال أولاً، وإذا زوجهم أخذ هم طلاقهم، ثم يريد أن يبني البيت، وأن يضع الأموال في البنك، وفي النهاية يقول لك: صحتي لا تتحمل الحج.

وفي حديث عبد الله بن عمر: (استمتعوا بهذا البيت قبل أن ينقض، فإنه نقض مرتين، وإذا نقض الثالثة فلا يرتفع).

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (يخرب هذا البيت ذو السويقتين من الحبشة، وكأني أنظر إليه ينقضها حجراً حجراً)، يعني: في المرة الثالثة التي تكون قبل قيام الساعة ينقض البيت الحرام حجراً حجراً، حتى الداخل إلى بيت الله الحرام لا يرى أثراً لمكان الكعبة، فكيف يطوف؟ وحول ماذا يطوف؟ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من استطاع منكم أن يقصد البيت فليفعل، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له).

فقد اختلف أهل العلم هل الحج على الفور أو على التراخي؟ فقال الشافعي وأبو يوسف وطائفة: هو على التراخي، إلا أن ينتهي إلى حال يظن فواته لو أخره عنها، فإذا غلب على ظنه هذا لزمه على الفور.

وتزويج الولد ليس فرضاً على الأب، ولكن الفرض عليه الحج، فهو صاحب المال، فلا يعطيه غيره وهو في أمس الحاجة إليه.

والشرع لم يوجب على الولد أن يعطي والديه شيئاً إذا كان محتاجاً إليه.

وقوله عليه الصلاة والسلام: (أنت ومالك لأبيه) محمول على أنه يدفع الفائض عن حاجته إلى والديه، وأما أن يعطي والديه من أصل ماله الذي يعيش عليه هو وأهل بيته وأولاده فإن الشرع لم يأمره بذلك قط.

وقال: أبو حنيفة ومالك وآخرون: هو على الفور.