[معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (الناس تبع لقريش في الخير والشر)]
قال: (قوله صلى الله عليه وسلم: (الناس تبع لقريش في الخير والشر) فمعناه: في الإسلام والجاهلية).
المعلوم أن موطن قريش الأصلي هو مكة المكرمة، وأن قريشاً لم تستقر بعد فتح مكة في هذا المكان، بل انتقل منهم من انتقل إلى المدينة، وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم من أرسل في الأمصار هنا وهناك ليعلموا الناس الدين، ومنهم من ولد له في البلد الذي سافر إليه، وهاجر إليه، فمنهم من استقر ومنهم من رجع إلى بلاده، ثم بعد ذلك هاجرت أسر عظيمة وقبائل وبطون إلى كثير من البلدان، ومعظم القرشيين هاجروا من مكة والمدينة إلى غيرها من الأمصار، ومعظمهم هاجر إلى صعيد مصر، فلا يبعد في المستقبل أن يكون الإمام من صعيد مصر.
(الناس تبع لقريش في الخير والشر) معناه: في الإسلام والجاهلية.
النبي عليه الصلاة والسلام قال لـ هرقل الروم: (أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين) أي: تؤجر على إسلامك وتؤجر على إسلام أتباعك؛ لأن الأتباع لو رأوه أسلم لأسلموا؛ ولذلك دائماً يقولون: إذا سقط الرأس سقط من دونه.
لكن ما دام الرأس قائماً فلا يزال الأمر في حزم وقوة وشدة، فكذلك الناس تبع لقريش في الإسلام والجاهلية، في الخير والشر.
قال: (كما هو مصرح به في هذه الروايات؛ لأنهم كانوا في الجاهلية رؤساء العرب، وأصحاب حرم الله، وأهل حج بيت الله).
وأصحاب السقاية والرعاية وخدمة الحجيج وغير ذلك.
فهم كانوا رءوساً في الجاهلية.
(وكانت العرب تنظر إسلامهم).
أي: أن الناس كلها تتطلع: هل أسلمت قريش أم لا؟ هل استجابت قريش لدعوة هذا النبي الذي هو منهم وهو ابن من أبنائها أم لا؟ فإذا قيل: (لم يستجيبوا) فكّر الواحد ألف مرة قبل أن يستجيب لهذه الدعوة.
يقول: إذا كان هذا ابناً من أبنائهم ولم يتّبعوه ولم ينصروه، بل حاربوه، فهذا يدل على أنه ليس على الحق، وهم أعلم به منا؛ ولذلك كانوا يتأخرون دائماً عن الإسلام وعن المبادرة إلى اتباع النبي عليه الصلاة والسلام.
هذا في الجاهلية.
فلما أسلمت قريش في فتح مكة كان فتحاً عظيماً ونصراً مبيناً للإسلام وأهله، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، حينما رأوا قريشاً قد دخلت في دين محمد صلى الله عليه وسلم، فتبعهم الناس، وجاءت وفود العرب من كل جهة، ودخل الناس في دين الله أفواجاً.
وكذلك في الإسلام هم أصحاب الخلافة، والناس تبع لهم، وبيّن صلى الله عليه وسلم أن هذا الحكم مستمر إلى آخر الدنيا ما بقي من الناس اثنان.