ثم تأمل المقابلة بين المدح والغيرة في الحديث، فالله تعالى أحب المدح، وقلنا: المدح هو الطاعات والثناء على الله عز وجل، وفي المقابل غيرة الله عز وجل التي بسببها حرم الفواحش، مما يشعر بأن المدح هو الطاعات في مقابلة الفواحش، فيكون في مقابلة غيرة، وطاعة في مقابلة فواحش، والله تعالى يحب المدح ولذلك مدح نفسه، وطالب العباد بأن يمدحوه بالطاعات والقربات، والله تعالى أشد غيرة من عباده، فلا أحد أغير من الله عز وجل، ولذلك حرم الفواحش والمعاصي ما ظهر منها وما بطن، كالسرقة، والزنا، وشرب الخمر، وغير ذلك من سائر المعاصي التي يمكن أن ترى، وهناك معاص باطنة لا يراها أحد، ولا يعلم بها إلا الله عز وجل وصاحبها الذي تخلق بها، أو يعلم ذلك غيره بقرائن الحال أو المقال، ومنها: المعاصي القلبية، كالغل، والبغض، والحسد، والضغينة، والشحناء، كل هذه أمراض قلبية باطنية، فالله تعالى يطلع عليها ويعلمها من عبده، ولذلك حرم الله تعالى الفواحش والمعاصي ما ظهر منها للعيان وما لم يظهر، كما لو كان في أمراض القلوب.