وقد صنف الإمام صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي كتاباً سماه: تصحيح التصحيف وتحرير التحريف، وذكر فيه جملة مستكثرة من تصحيف المحدثين والفقهاء.
ومما قال فيه: وأما تصحيف الفقهاء فهو كثير أيضاً، ومن ذلك: قال يوماً بعض المدرسين: ولا يكون النذر إلا في قرية، والصواب: أنه لا يكون النذر إلا في قربة، أي: قربة إلى الله عز وجل، فتصحف عليه قربة إلى قرية، وشاهد هذا الكلام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه).
فلابد أن يكون النذر في قربة لله عز وجل، فمن نذر أن يعصي الله عز وجل فليكفر عن يمينه ولا يعص الله عز وجل.
وقال بعضهم: ويكره القرع، ويحب الخيار، والصواب: ويكره القزع، ويجب الختان، والقزع هو حلق بعض الرأس وترك البعض الآخر، أو ترك مقدم الرأس وحلق بقية الشعر، مثل ما يسمونه اليوم كبوريا.
وقال بعضهم يوماً: قال الشافعي: ويستحب في المؤذن أن يكون صبياً، فقيل له: ولم ذاك؟ قال: ليكون قادراً على الصعود في درج المئذنة، وقد كانوا يبنون المآذن في المساجد، فإذا أراد المؤذن أن يؤذن صعد عليها، وإنما قال الشافعي: ويستحب في المؤذن أن يكون صيتاً، يعني: ذا صوت جميل، فتصحف عليه صيتاً إلى صبي.