[شرح حديث البراء بن عازب فيما يقال عند النوم]
قال المصنف رحمه الله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم -واللفظ لـ عثمان - قال إسحاق: أخبرنا، وقال عثمان: حدثنا جرير عن منصور عن سعد بن عبيدة -وهو أبو حمزة السلمي الكوفي - قال: حدثني البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة)].
يعني: إذا أردت أن تنام فتوضأ وضوءك للصلاة.
وقوله: (وضوءك للصلاة) يدل على أن المراد الوضوء الاصطلاحي لا الوضوء اللغوي؛ لأن الوضوء اللغوي هو الغسل، فلو أنك غسلت كفيك فقط لصح في اللغة أن يقال: إنك توضأت، ولو أنك غسلت وجهك فقط لصدق في اللغة أن يقال: إنك توضأت.
وأما قوله: (فتوضأ وضوءك للصلاة) يعني: أن تتوضأ الوضوء الاصطلاحي المعروف، الذي تتوضأه لأجل الصلاة، ولا يلزم منه الصلاة، فلا يلزم من إحداث الوضوء إحداث الصلاة؛ لأن الوضوء عبادة مستقلة عن الصلاة، وهو شرط في صحتها.
قال: [(ثم اضطجع على شقك الأيمن)]، يعني: نم على جنبك الأيمن.
وهذا هو الأدب الثاني.
فأول أدب: أن تكون على وضوء.
والأدب الثاني: أن تنام على جنبك الأيمن.
قال: [(ثم قل: اللهم إني أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت.
واجعلهن من آخر كلامك، فإن مت من ليلتك مت وأنت على الفطرة)]، وفي رواية بزيادة: (وإن أصبحت أصبت خيراً).
وفي رواية: (وإن أصبت أصبت خيراً).
يعني: إن أصبت في نومك أو في يقظتك فهذه الإصابة خير من عند الله عز وجل.
[قال -أي البراء بن عازب -: (فرددتهن لأستذكرهن)].
يعني: أراد أن يحفظ هذه الكلمات، فرددهن أمام النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه -أي: النبي عليه الصلاة والسلام- يخاطب البراء بن عازب ويقول له: إذا أخذت يا براء! مضجعك فافعل كيت وكيت وكيت، فأراد البراء ألا ينصرف من حضرة النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن يحفظ هذه الكلمات، فقال: (فرددتهن لأستذكرهن.
فقلت: آمنت برسولك الذي أرسلت)].
مع أن النبي عليه الصلاة والسلام حفظه أولاً: (وبنبيك الذي أرسلت).
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا).
أي: أنا ما قلت هذا.
[(قل آمنت بنبيك الذي أرسلت)]، لا برسولك الذي أرسلت.