وبهذه المناسبة نعرج شيئاً يسيراً على هذه الأناشيد الإسلامية، أولاً: أنا كنت صديقاً حميماً لـ أبي مازن، وكنا نسكن بجوار بعضنا البعض في الأردن سنوات طويلة، وكذلك أبو دجانة، فهم أصدقاء أحماء لي منذ سنوات طويلة، وأنا لا أعني هذان ولا غيرهما، وإنما أتكلم في القضية عموماً، ولكني أسترشد بحال أبي مازن وأبي دجانة، فإنهما كانا يبيتان الليالي الطويلة والأيام الطويلة لا شغل لهما إلا الشعر، فيسألون في كل وادٍ عن شعر جميل يصلح للإنشاد، شعر يصلح للصغار، للنساء، للطلاب المتوسطين وغير ذلك، ويعلمون الصبيان كيف ينشدون هذه القصيدة وغير ذلك.
يعني: كان ليلهم ونهارهم شغل بهذه الأناشيد، وفي الحقيقة كنت أمازح القوم، وكلما لقيتهم أقول لهم: قد ثبت في الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام: (لأن يمتلئ) إلى آخر الحديث، وأنا أكتفي بهذا النص، وأقول: إلى آخر الحديث، فكانا يردان علي: قد ثبت في الصحيحين: (ألا كل شيء ما خلا الله باطل)، فهما كانا يحتجان بأحاديث المدح، وأنا كنت أحتج بأحاديث الذم، وكلانا يمازح الآخر بأحاديث الذم، لكن في الحقيقة انشغال إلى أقصى حد! نعم هذان الأخوان من أهل القرآن، ويحفظان القرآن عن ظهر قلب حفظاً جيداً، ولهم حظ فيه يومياً بعد صلاة الفجر.
أي: كان لهم ورد يقرءونه قبل أن يخرجوا من المسجد، لكن شغلهم بالشعر كان زائداً جداً.