والقاعدة الثانية التي ينبغي أن يضعها العبد نصب عينيه عند الكلام في الآخرين: هي حسن الظن بالمسلم، أي: تقديم حسن الظن على سوء الظن، وقديماً قال الإمام محمد بن سيرين: احمل أخاك على أحسن الوجوه، حتى إن لم تجد له مساغاً فقل: لعل له عذراً، فإن لم تجد عذراً قط فقل: لعل له عذراً لا أعلمه.
وهذا لا شك باب عظيم من أبواب تقديم حسن الظن بالمسلمين.
فالأصل في هذه القاعدة -وهي تقديم حسن الظن بالمسلمين- قول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحجرات:١٢] أي: إن بعض هذا الكثير إثم، فمن أساء الظن بإخوانه فلا شك أنه قدّم هنا سوء الظن في إخوانه.
وهناك حديث ضعيف جداً، بل قيل: إنه موضوع بلفظ: (سوء الظن عصمة) نعم.
وإن كان هذا حديثاً لا يثبت ولا يصح إلا أنه كلام صحيح المعنى مع الأعداء والمنافقين، فسوء الظن بهم عصمة من شرورهم وفتنتهم، أما في المسلمين فالأصل حسن الظن بهم.
وأمر المسلم في الأصل قائم على الستر وحسن الظن؛ ولذلك أمر الله عز وجل المؤمنين بحسن الظن عند سماعهم لقدح في إخوانهم المسلمين، بل وشدد النكير على من تكلم بما سمع من قدح في إخوانه دون تثبت ولا روية.