[شرح رواية أخرى لحديث البراء في صلح الحديبية]
[حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي -وهو المعروف بـ إسحاق بن راهويه - وأحمد بن جناب المصيصي.
جميعاً عن عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي -واللفظ لـ إسحاق - قال: أخبرنا عيسى بن يونس أخبرنا زكريا عن أبي إسحاق عن البراء.
قال: (لما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت -أي: قريباً من مكة- صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثاً، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف وقرابه، ولا يخرج بأحد معه من أهلها، ولا يمنع أحداً يمكث بها ممن كان معه.
قال لـ علي: اكتب الشرط بيننا: بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله)] قاضى بمعنى: فاصل.
من المفاصلة والمنازعة والاستقرار على شرط معيّن.
قال: [(فقال له المشركون: لو نعلم أنك رسول الله تابعناك -وفي رواية: بايعناك- ولكن اكتب محمد بن عبد الله)] لأن هذا هو الاسم الذي نعرفك به ولا ننكرك، أما رسول الله فنحن ننكر ذلك.
قال: [(فأمر علياً أن يمحاها، فقال علي: لا والله لا أمحاها.
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أرني مكانها)] وهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب.
قال: [(فأراه مكانها فمحاها، وكتب: ابن عبد الله)] أي: وكتب علي مكان رسول الله ابن عبد الله، فتصير الجملة: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله.
قال: [(فأقام بها ثلاثة أيام -وهذا يعني: أنه أقام بها من العام المقبل- فلما أن كان يوم الثالث قالوا لـ علي: هذا آخر يوم من شرط صاحبك)].
إن النبي عليه الصلاة والسلام عازم على الوفاء بالعهد، وسيخرج من آخر اليوم، ولكنهم احتاطوا لأنفسهم، فنبّهوا علياً في أول النهار: [(هذا آخر يوم من شرط صاحبك فأمره فليخرج.
فأخبره بذلك فقال: نعم)] أي: هذا شرط بيننا من العام الماضي أننا لو أتينا مكة في هذا العام لا نمكث بها إلا ثلاثة أيام وأنا أذكر هذا الشرط، وبالتالي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يخرجوا من مكة وخرج أمامهم، دخل مكة من أعلاها وخرج من أسفلها عليه الصلاة والسلام.
[وقال ابن جناب في روايته مكان تابعناك: (بايعناك)].