وأما قوله صلى الله عليه وسلم:(ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس) فقد أجمعت الأمة على تحريم لباسهما؛ لكونهما طيباً، وأي ثوب مصبوغ بزعفران أو ورس يحرم لبسه للمحرم، وألحقوا بهما جميع أنواع ما يقصد به الطيب، وسبب تحريم الطيب أنه داعية إلى الجماع، فإذا رأى الرجل امرأته متطيبة وقع عليها، وإذا تطيب الرجل طلبته المرأة، فلما كان الطيب هو الدافع إلى الوقاع والجماع نهى عنه الشارع، فهذا النهي ليس لذاته وإنما لغيره، يعني: النهي عن الطيب إنما قصد مخافة الوقاع والجماع، وهذا الرأي ضعيف؛ لأنه لو كان النهي عن الطيب لغيره وليس لذاته لقال المحرم غير المتزوج: إن الجماع بالنسبة له مستحيل؛ إذ إنه ليس متزوجاً، ويقول المتزوج الذي لم يصحب امرأته: امرأتي ليست معي، لكن النهي عام لكل إنسان سواء كان امرأة أو رجلاً محرماً، ولأنه ينافي تذلل الحاج، فإن الحاج أشعث أغبر، والأصل فيه أنه كما يقول الله تعالى في يوم عرفة عندما يباهي ملائكته بأهل الموقف ويقول:(يا ملائكتي! هؤلاء عبادي أتوني شعثاً غبراً)، يعني: كل واحد شعره منفوش لم يسرحه، مخافة أن يقع منه شعر، وسقوط الشعرة والشعرتين جائز، ولا حرج في ذلك، وأما الثلاث وما فوقها ففيها الفدية؛ ولذلك نهى الشارع المحرم عن ترجيل شعره، فلا يسرحه حتى يؤدي نسكين من رمي جمرة العقبة، أو يذبح الهدي، أو يطوف البيت ويسعى، وحينئذ له بعد ذلك حتى ولو لم يحلق أن يسرح أو يرجل شعره قبل أن يحلقه.
والحاج أشعث أغبر من كثرة الغبار والتراب الذي يقع على رأسه، وسواء في تحريم الطيب للرجل والمرأة، وكذا جميع محرمات الإحرام سوى اللباس كما سبق بيانه.
المرأة تحرم في ملابسها العادية، وليس في إزار ورداء، وقد رأينا امرأة تلبس إزاراً ورداء في منى وهي من مصر، وإذا بينت لها رماك زوجها بالجهل وغير ذلك.