للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توثيق الأئمة لزهير بن حرب]

زهير بن حرب من الأئمة الثقات الأثبات الذين كان يضرب بهم المثل في الحفظ والإتقان، وقدمه النسائي وغيره على أبي بكر بن أبي شيبة، ولو عرفت محل أبي بكر بن أبي شيبة من العلم لعظم عندك مكانة أبي خيثمة زهير بن حرب، وأبو خيثمة صاحب مصنفات، كما أن أبا بكر بن أبي شيبة صاحب مصنفات عظيمة جداً، والتي من أعظمها مصنفه المعروف بمصنف ابن أبي شيبة.

وزهير بن حرب من أكابر شيوخ الإمام مسلم، وقيل: إن مسلماً روى عنه ألف حديث، وسئل الإمام يحيى بن معين عن أبي خيثمة زهير بن حرب فقال: أبو خيثمة ثقة ثقة، يكفي قبيلة، يعني: يغني قبيلة بالتحديث والعلم والورع والزهد والإقبال على الطاعة والعبادة.

وهذا القول من إمام فحل جليل كـ يحيى بن معين، كأنه انتزع من بين فكي أسد؛ لأن يحيى بن معين كان من قسم المتشددين والمتعنتين جداً في الكلام في الرجال، فما كان أحد يظفر من يحيى بن معين بثقة ولا بصدوق، حتى قيل: إن الرواة يمرحون ويلعبون ما داموا بعيدين عن يحيى، فإذا وقفوا أمامه أتى كل منهم بأحسن حديثه مخافة أن يقع لـ يحيى بن معين حديثهم الضعيف أو الواهي فيحكم عليهم بأنهم رواة الأباطيل، أو أنهم كذابون أو وضاعون أو ضعفاء، فكان الواحد منهم إذا وقف أمام يحيى بن معين كأنه في امتحان عسير صعب لا يكاد أن ينجو منه.

فإذا قال هذا الإمام الذي هو بهذه المكانة من الشدة والعنت: ثقة ثقة، يكفي قبيلة، فاعلم مكانة زهير بن حرب.

وكان الإمام أحمد وهو من أقرانه يجله ويعظمه ويفخم أمره ويرفعه على كثير من الناس، وكفى بـ زهير جلالة توثيق هؤلاء له.

والإمام أحمد من فريق المعتدلين، وأما يحيى بن معين فمن فريق المتعنتين المتشددين في الرجال، واختلف في الإمام النسائي هل هو من المتشددين أو من المعتدلين؟ وبكل قول قال فريق من أهل العلم، والراجح على الإمام النسائي أنه من المتشددين أيضاً، ومع هذا فقد رفع شأن زهير بن حرب أبي خيثمة النسائي.

ويؤخذ من هذا أيضاً أنه يستحب أن ينادى المسلم بكنيته؛ لأن الكنية فيها تعظيم وفيها إجلال وتفخيم لصاحب هذه الكنية، فيفضل أن تقول: يا أبا فلان! وإن سميته باسمه بعد ذكرك لكنيته فهو حسن، وإن كان يكره أن يذكر اسمه فينبغي عليك ألا تذكره إلا بالكنية فقط.