يقول الإمام الخطيب البغدادي: والجمع بين اسم الشيخ وكنيته أبلغ في إعظامه وأحسن في تكرمته.
وعن الحسن البصري قال: يجب للعالم ثلاث خصال: تخصه بالتحية، يعني: إذا دخلت مجلساً فيه رجل من أهل العلم فقل: السلام عليكم، ثم قل: السلام عليك أيها الشيخ! فتسلم على الناس ثم تخص الشيخ بالسلام، ولا تخصه بالسلام دون الناس، بل لابد من أن يشتمل سلامك على الناس، وإلا دخلت في شرط وعلامة من علامات الساعة، وهو التخصيص بالسلام، وفي حديث ابن مسعود:(أن رجلاً قال له وهو داخل المسجد معه أصحابه: السلام عليك يا أبا عبد الرحمن! قال: الله أكبر، سبحان الله! لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن تسليم الخاصة من أشراط الساعة، وأنت سلمت علي وتركت أصحابي)، ولو سلم عليه وعلى أصحابه ثم خصه بالسلام لحصل المقصود بقول الحسن: ثم تخص الشيخ بالتحية.
قال: وتعمه بالسلام مع الجماعة، ولا تقل: أخبرنا فلان، وقل: أخبرنا أبو فلان، يعني: تذكره بكنيته ولا تذكره باسمه.
وعن العباس الدوري قال: رأيت أحمد بن حنبل في مجلس روح بن عبادة سنة خمس ومائتين يسأل يحيى بن معين عن أشياء يقول له: يا أبا زكريا! كيف حدثت كذا، وكيف حدثت كذا؟ يريد أحمد أن يتثبت منه في الحديث، ويتأكد من الحديث الذي عند يحيى بن معين، قال: وقلما سمعت أحمد بن حنبل يسمي يحيى بن معين باسمه، إنما كان يقول: قال أبو زكريا، دخل أبو زكريا، خرج أبو زكريا، فهذا أمر وسنة عظيمة قد ماتت عند الكثير، وبالذات من الشعب المصري، وإلا فهي بحمد الله موجودة في شعوب العرب، فقد كانوا يعرفون بعضهم البعض بكناهم، وربما يخفى عليهم أسماؤهم، ونحن نجد في الرواة من عرف بكنيته واختلف في اسمه على أكثر من ثلاثين قولاً كـ أبي هريرة رضي الله عنه، فقد كناه النبي عليه الصلاة والسلام بـ أبي هريرة، فاشتهرت هذه الكنية حتى طغت على اسمه، فاختلف من أتى من بعده في اسم أبي هريرة؛ لأنه عرف وعلم عند الناس بكنيته دون اسمه، وكذلك لو اقتصر على الاسم والنسب لكان هذا جائز.