[شرح حديث: (لكل غادر لواء يوم القيامة)]
قال: [حدثني حرملة بن يحيى التجيبي المصري قال: حدثنا ابن وهب -وهو عبد الله بن وهب القاضي المصري - أخبرني يونس عن ابن شهاب - يونس إذا جاء بين ابن وهب وابن شهاب فهو يونس بن يزيد الأيلي لا ريب- عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر عن أبيهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لكل غادر لواء يوم القيامة).
وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار -وهما فرسا رهان في العلم والعمل والعبادة والسن، حتى في سنة الوفاة ماتوا في سنة واحدة- قالا: حدثنا ابن أبي عدي.
ح وحدثني بشر بن خالد أخبرنا محمد -يعني: ابن جعفر الملقب بـ غندر - كلاهما عن شعبة عن سليمان -وشعبة إذا روى عن سليمان فإنما هو سليمان بن مهران الأعمش أبو محمد الكوفي الإمام الكبير المشهور- عن أبي وائل شقيق بن سلمة الكوفي عن عبد الله أي: ابن مسعود رضي الله عنه -وإذا ذُكر عبد الله في طبقة الصحابة غير منسوب فإنما هو عبد الله بن مسعود خاصة إذا كان الإسناد كوفياً- قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لكل غادر لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان)].
فقد ورد حديث عبد الله بن عمر، ثم من بعده حديث عبد الله بن مسعود.
قال: [وحدثنا إسحاق بن إبراهيم -المعروف بـ ابن راهويه المروزي - أخبرنا النضر بن شميل.
(ح) وحدثني عبيد الله بن سعيد حدثنا عبد الرحمن -أي: ابن مهدي - جميعاً عن شعبة في هذا الإسناد].
يعني: عن شعبة عن سليمان بن مهران الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود.
[وليس في حديث عبد الرحمن: يقال: (هذه غدرة فلان) وإنما فيه: (لكل غادر لواء يوم القيامة) ولم يذكر عبد الرحمن بن مهدي: (فلان بن فلان) واقتصر على ذكر بعض الحديث دون تمامه وكماله.
[وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن آدم عن يزيد بن عبد العزيز عن الأعمش عن شقيق -وهو أبو وائل - عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل غادر لواء يوم القيامة يُعرف به.
يقال: هذه غدرة فلان)].
أما الحديث الثالث وهو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
قال: [حدثنا محمد بن المثنى وعبيد الله بن سعيد قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن ثابت -تلميذ أنس بن مالك وهو ثابت بن أسلم البناني البصري - عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل غادر لواء يوم القيامة يُعرف به).
وحدثنا محمد بن المثنى وعبيد الله بن سعيد قالا: حدثنا عبد الرحمن -أي ابن مهدي - حدثنا شعبة عن خليد عن أبي نضرة -وأبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قطعة - عن أبي سعيد الخدري - سعد بن مالك بن سنان المدني وهذا هو الحديث الرابع- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة)].
فلكل غادر لواء يُغرز عند استه.
أي: عند مقعدته ومؤخرته، فلو أن كل غادر يعلم فضيحته على رءوس الأشهاد يوم القيامة ما غدر أحد قط، والتزم الناس بمواثيقهم وعهودهم، فالذي يغدر في عهده أو ميثاقه أو في شرطه بغير عذر حري به أن يؤتى يوم القيامة فيُفضح على رءوس الأشهاد، ويُرفع له لواء عند استه ويراه الناس، كما أنه ينادى على الملأ: هذه غدرة فلان ابن فلان.