للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهادة هرقل بأن محمداً هو نبي آخر الزمان وتعظيمه له

قال: [(إن يكن ما تقول فيه حقاً)] أي: إن كان يا أبا سفيان! ما قد أجبت به عن صاحبك [فإنه نبي]؛ لأن هذه رسالة الأنبياء، وهذه الأسئلة التي طرحتها عليك وأجبت عنها إنها لعلامات في نبي آخر الزمان، وإنا نعلم ذلك ونعلم أنه نبي، ولكننا ما كنا ندري أنه منكم.

أي: أن هذه الكتب التي بين أيدينا علمنا منها أمارات وعلامات لنبي آخر الزمان، وهذا يدل على أن هرقل كان عالماً من علماء أهل الكتاب، مع أنه لم يكن من بني إسرائيل ولا يهودياً ولا نصرانياً، ولكنه دخل النصرانية بعد التبديل والتحريف، ومع هذا خاطبه النبي عليه الصلاة والسلام: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} [آل عمران:٦٤] فالمرء وإن خالف الكتاب الذي بين يديه أو الكتاب الذي هو تابع له إلا أنه ينسب إليه مع هذا التقصير والتفريط والمخالفة، فأهل الكتاب هم أهل الكتاب، ولا يزالون أهل كتاب إلى قيام الساعة وإن بدلوا وحرفوا وعصوا الكتب التي يزعمون أنها كتبهم.

قال: [(إن يكن ما تقول فيه حقاً فإنه نبي، وقد كنت أعلم أنه خارج -أي: عندي علم من الكتب السابقة أنه خارج- ولم أكن أظنه منكم، ولو أني أعلم أني أخلص إليه)] أي: أذهب إليه وأنتهي إليه بأمان وسلام وبغير قتل.

قال: [(لأحببت لقاءه) وفي رواية البخاري: (لتجشمت لقاءه).

والتجشم: هو الكلفة وتحمل المشقة وبذل الجهد في الوصول إلى الغرض.

قال: [(ولو أعلم أني أخلص إليه)] أي: أنتهي إليه وأذهب إليه في أمان ولو بمشقة لتجشمت لقاءه.

قال: [(ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه)] أي ولو خلصت إليه لغسّلت قدميه، وهذا تبجيل واحترام للنبي عليه الصلاة والسلام.

قال: [(وليبلغن ملكه ما تحت قدمي)] أي: أن هذا الملك لا بد أن يصل إلى إيليا وإلى القدس والشام كلها؛ لأننا نجد في الكتب السابقة أن ملك نبي آخر الزمان سيبلغ ما بلغ الليل والنهار، وهذه البشارات بشّر بها النبي عليه الصلاة والسلام.