[سبب اختيار صحيح مسلم في هذا الدرس]
الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد.
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد: فمرحباً بكم وأهلاً في بداية دروس منهجية في شرح صحيح مسلم.
الحقيقة كانت رغبتي تناول الصحيح للإمام البخاري، ولكني استشرت في ذلك شيخي وأستاذي الشيخ محمد بن عبد المقصود فقال: مسلم أخف، فوافقته على رغبته وإن كانت رغبتي في الكتاب الآخر؛ لأني أدرس صحيح مسلم منذ أربع سنوات في الهرم، فكنت أود أن أبدأ بكتاب آخر؛ حتى أحصّل الفائدة لنفسي، كما ورد عن بعض شيوخ العصر أنهم كانوا يقرءون الكتب على التلاميذ لا لأجل التلاميذ ولكن لأجل نفعهم ومصلحتهم، فكنت أود أن أقرأ البخاري، ولكن طلب مني شيخي ولا يسعني مخالفته فوافقته على صحيح مسلم، وربما بلغ الخبر أخانا الشيخ فوزي السعيد خطأ، فسمع البخاري مكان مسلم فقال: صحيح البخاري.
على أية حال في كليهما الخير الكثير.
هذا أمر.
والأمر الثاني: كنت أتصور أن المقبلين على طلب العلم الشرعي أكثر من ذلك، وبناء عليه فقد أعددت العدة للعدد الكبير، فهان الأمر عليّ الآن على اعتبار أن الإمام مسلم حينما صنّف صحيحه كانت له شروط، فقضيت في هذه الشروط وقتاً طويلاً حتى أبيّن المسألة، وإذا كنا سنبدأ في كتاب الصحيح من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام فينبغي أولاً أن ندرس سيرة الإمام مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح، ثم بعد ذلك ندرس كتابه الصحيح حتى يعظم عندنا وفي قلوبنا المصنِّف والمصنَّف كذلك، فإذا استقر الأمر على الاستمرار في هذا الصحيح علمنا سلفاً قيمته وفضله، فيحسن بنا أن نبدأ هذا الدرس بذكر ترجمة الإمام مسلم، ثم نثني بعد ذلك بذكر ترجمة شارحه وهو الإمام النووي عليه رحمة الله؛ لأن الأمر يلزمنا أن ندافع عن الإمام النووي؛ لأن كثيراً من الألسنة التي انطلقت في علماء السلف انطلقت أيضاً في الإمام النووي، وفي الدرس القادم إن شاء الله تعالى سنعلم ما وجِّه إليه من طعون.
ونُعان بإذن الله تعالى على الرد عليها.
ثم بعد ذلك نشرح منهجنا أو نبيّن المنهج الذي نسير عليه في شرح هذا الكتاب العظيم وهو صحيح مسلم.