للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث بريدة بن الحصيب في رجم ماعز بن مالك]

قال: [وحدثنا محمد بن العلاء الهمداني حدثنا يحيى بن يعلى -وهو ابن الحارث المحاربي - عن أبيه عن غيلان؛ لأن يحيى بن يعلى ليست له رواية عن غيلان، إنما هو يروي عن أبيه وعن زائدة بن قدامة، وقد روى غير واحد هذا الحديث من طريق يحيى بن يعلى عن أبيه عن غيلان وهو الصواب، وغيلان هو ابن جامع المحاربي.

قال: [عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه -أي: بريدة بن الحصيب - قال: [(جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! طهرني)].

وهذا يدل على أن إقامة الحد طهارة من الذنب، وهي طهارة تامة كاملة.

قال: [(فقال: ويحك! ارجع فاستغفر الله وتب إليه)] (ويحك): كلمة رحمة، كما قال الحسن البصري.

وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالاستغفار قبل أن يسمع منه الجريمة.

قال: [(فرجع غير بعيد -رجع مرة ثانية إلى النبي عليه الصلاة والسلام- وقال: يا رسول الله! طهرني.

قال: ويحك! ارجع فاستغفر الله وتب إليه.

قال: فرجع غير بعيد ثم جاء فقال: يا رسول الله! طهرني فقال النبي مثل ذلك، حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيم أطهرك؟)] (فيم) هنا سببية.

أي: بسبب ماذا أطهرك؟ أو ما هي الجريمة التي أطهرك منها؟ قال: [(فقال: من الزنا.

فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون.

فقال: أشرب خمراً؟ فقام رجل فاستنكهه -يعني: شم رائحته- فلم يجد منه ريح خمر.

قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أزنيت؟ قال: نعم.

فأمر به فرجم، فكان الناس فيه فرقتين -أي: اختلف الناس وصاروا فريقين- قائل يقول: لقد هلك، لقد أحاطت به خطيئته.

وقائل آخر يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز)] يعني: فريق يقول: لم يخرج من خطيئته حتى بعد قيام الحد عليه.

وطائفة أخرى تقول: ليست هناك توبة أفضل من توبة ماعز [: (أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده ثم قال: اقتلني بالحجارة.

قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلم ثم جلس فقال: استغفروا لـ ماعز بن مالك.

قال: فقالوا: غفر الله لـ ماعز بن مالك.

قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم)].

وفي رواية قال: (أتسبونه وإني لأراه الآن يسبح في أنهار الجنة؟) كلام جميل جداً.