وأما استحلاف عمر بن عبد العزيز لـ أبي بردة فإنما ذلك لزيادة الاستيثاق والطمأنينة، ولما حصل لهم من السرور بهذه البشارة العظيمة للمسلمين أجمعين؛ فقد كان عنده فيه شك أو غلط أو نسيان أو اشتباه أو نحو ذلك فلهذا استحلف أبا بردة، فلما حلف تحقق انتفاء هذه الأمور، وعرف صحة الحديث، وقد جاء عن عمر بن عبد العزيز والشافعي رحمهما الله تعالى أنهما قالا: هذا الحديث أرجى حديث للمسلمين، وهو أن يغفر الله تعالى لهم، وهو كما قالا لما فيه من التصريح بفداء كل مسلم، ولله الحمد والمنة.
وآخر فائدة هي: قول الإمام في قول النبي عليه الصلاة والسلام: (يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع عليه كنفه، فيقرره بذنوبه).
قال: الكنف: هو الستر والعفو، والمراد بالدنو هنا: دنو الكرامة والإحسان لا دنو المسافة، والله تعالى منزه عن المسافة وقربها، وهذا كلام الأشاعرة.
والصواب: أننا نؤمن بأن الله تعالى يدنو من عباده دنواً حقيقياً يليق بجلاله وكماله.