الباب الثاني والتسعون: باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة والإمام النووي قد أثبت يقيناً أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبر في بيته، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل:(ما بين قبري ومنبري) وهو لا يعرف مكان القبر، وأنتم تعلمون أن الأنبياء يدفنون حيث يموتون، وهذه سنة خاصة بالأنبياء.
رجل صوفي بنى مسجداً، وحفر لنفسه قبراً، ولما مرض واشتد عليه المرض قال: أنا سأمكث في المسجد من أجل إذا مت أدفن فيه.
ولو كان هذا الرجل صادقاً لكان ينام دائماً في القبر لا في الغرفة من أجل أن يدفن في الناحية التي مات فيها، ولما تحقق الإمام النووي من موته لم يتحرج أن يقول: ما بين القبر ومنبر المسجد النبوي روضة من رياض الجنة، والمقصود بالبيت هو بيت عائشة الذي مات فيه النبي عليه الصلاة والسلام وصار بعد ذلك قبراً له صلى الله عليه وسلم.
أما قوله عليه الصلاة والسلام:(ما بين قبري ومنبري) فهذا حديث غير صحيح، والصحيح:(ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة).
واختلف العلماء في معنى قوله:(روضة من رياض الجنة): القول الأول: أن ذلك الموضع بعينه ينقل إلى الجنة؛ لأنه موضع من مواضع الجنة وروضة من رياضها.
والثاني: أن العبادة فيه تؤدي بصاحبها إلى الجنة.
قال الطبري: المراد ببيته هو القبر، قاله زيد بن أسلم.
والثاني: المراد بالبيت: سكناه، يعني على ظاهره، وإن كان القولان كلاهما يؤدي إلى معنى واحد، لكن حرص الناس على أن يصلوا في الروضة هذا حرص مشكور؛ لأن العبادة في هذا الموطن لها فضل يختلف عن غيره، وحرص الناس أحياناً يؤدي إلى وقوع مفسدة عظيمة جداً خاصة مع الزحام الشديد.
ولذلك فإن هناك مآسي منها ما يفعله غالب الحجاج كالباكستانيين والهنود وغيرهم كل واحد فيهم يجلس في الطابور من أجل أن يصلي ركعتين في الروضة.