عدم نزول البلاء بالعبد ليس دليلاً على محبة الله له
وليس عدم نزول البلاء بالعبد دليل على محبة الله تعالى، يقال: فلان لم يمرض قط فلان لم يشف قط فلان لم يتعب قط، ويقولون: هذا دليل على محبة الله له، فهذا ليس دليلاً، ولا يصلح أن يكون دليلاً، كما أن نزول البلاء باستمرار على العبد ليس دليلاً على غضب الله تبارك وتعالى على العبد، بل ربما يكون علامة من علامات محبة الله له، فهو يكفر عنه ذنبه في الدنيا؛ حتى يأتي إلى ربه يوم القيامة وليس عليه ذنب.
وإن المؤمن ليبتلى، ثم يبتلى، ثم يزاد له في البلاء، ثم يصب عليه البلاء صباً؛ حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة، فليس نزول البلاء علامة بغض الله لهذا العبد، كما أن الصحة والعافية والسعة في الرزق والمال والدنيا ليست علامات على محبة الله لهذا العبد، بل ربما تكون على عكس ذلك، ففي هذا الحديث الموازنة بين العبد المؤمن وبين العبد الكافر.
فالعبد المؤمن ينزل عليه البلاء دائماً، فكلما قام من بلاء وقع في بلاء آخر، وكلما نجا من مصيبة وقع في مصيبة أخرى، وهذا هو حال المؤمن عند الله عز وجل.
وأما المنافق فربما لا يصيبه شيء من ذلك، فيعيش في عافية وصحة ورغد من العيش؛ حتى إذا أخذه الله تعالى لم يفلته، بل يستأصل شأفته مرة واحدة؛ ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:(ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز)، لأنها ثابتة في الأرض، لا يؤثر فيها الهواء ولا الرياح ولا شيء من هذا، حتى يأتيها الحاصد فيحصدها مرة واحدة.
قال:(لا تهتز حتى تُستحصد، أو تَستحصد).
فشجرة الأرز لا تتغير حتى تنقلع مرة واحدة، كالزرع الذي انتهى يبسه، وأما الزرع فإن الرياح تميله يمنة ويسرة فوق وتحت.