ذكرنا أن الإمام النووي كان مضطرباً في مسائل العقيدة، خاصة مسألة الصفات فما سر هذا الاضطراب؟ قال: سبب الاشتباه في نسبة الإمام النووي إلى الأشاعرة أو أهل السنة أنه قد وافق الأشاعرة من خلال النقل عن مصنفاتهم كما ثبت نقله عن الإمام أبي عبد الله المازري وتلميذه عياض، فلما نقل عنهم وسكت عن هذا النقل قال الأشاعرة: هو أشعري من هذه الزاوية، أنه اعتمد كلام عياض والشيخ أبي عبد الله المازري وسكت عنه مما يدل على رضاه به.
فهذه حجة الذين ينسبون الإمام النووي إلى الأشاعرة، وأما أهل السنة والجماعة فإنهم ببركة اشتغال الإمام النووي بالحديث ومنافحته عن عقيدة أهل السنة والجماعة في مسائل كثيرة نسبوه إلى عقيدة السلف، ورحم الله تعالى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال: وقل طائفة من المتأخرين إلا وقع في كلامهم نوع غلط؛ لكثرة ما وقع من شبه أهل البدع.
ولهذا يوجد في كثير من المصنفات في أصول الفقه وأصول الدين والزهد والتفسير والحديث من يذكر في الأصل العظيم عدة أقوال، والأصل فيها أنها قول واحد، فتجد الواحد منهم وهو إمام كبير فحل يذكر في هذا الأصل العظيم الذي لا ينبغي أن يُذكر فيه إلا كلام واحد عدة أقوال، ومع هذه الأقوال الكثيرة لا يذكر القول الصحيح.
ثم يقول: لعدم علمه به لا لكراهيته لِما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.
فالإمام النووي من الأفاضل الأبرار، بل من العلماء الأحبار، ولكن لم يوفق لمتابعة منهج أهل الآثار في بعض المسائل العقدية الواردة في بعض الأخبار.
عفا الله عنا وعنه بمنه وكرمه، وجعلنا وإياه من أهل الجنة وأبعدنا عن النار إنه عزيز غفار.