[شرح حديث أبي مسعود الأنصاري في كفارة من ضرب عبده]
قال: [حدثنا أبو كامل الجحدري -وهو فضيل بن حسين - حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي - وهو إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي الكوفي.
عن أبيه قال: قال أبو مسعود البدري]، وهو عقبة بن عمرو الأنصاري، ويقال له: بدري، والغالب أنه لم يشهد بدراً، وإنما كان يسكن مكاناً اسمه بدر فنسب إليه، وهو ليس ممن شهد بدراً.
قال أبو مسعود: [(كنت أضرب غلاماً لي بالسوط، فسمعت صوتاً من خلفي: اعلم أبا مسعود! فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلما دنا مني إذ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود! اعلم أبا مسعود!)] وهذا التكرار فيه تهديد ووعيد شديد.
[(قال: فألقيت السوط من يدي)، وفي رواية: (فسقط السوط من يدي).
(فقال: اعلم أبا مسعود! أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام)] وهذا تهديد ووعيد شديد.
والنبي عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً يضرب دابة فقال: (من لم يَرحم لا يُرحم)، وفي رواية: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) وهذه دابة، فكيف بالغلام الذي هو إنسان كما أنك إنسان؟ [(قال: فقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً)]، لأنه استشعر أن قدرة الله تعالى عليه أعظم من قدرته على ذلك العبد.
قال: [وحدثناه إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير، (ح) وحدثني زهير بن حرب حدثنا محمد بن حميد المعمري]، والمعمري نسبة لملازمته لـ معمر بن راشد البصري قال: [عن سفيان، (ح) وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان، (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة كلهم عن الأعمش بإسناد عبد الواحد نحو حديثه، غير أن في حديث جرير: (فسقط من يدي السوط من هيبته)]، أي: من هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: [وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا أبو معاوية -وهو محمد بن خازم الضرير - حدثنا الأعمش -وهو سليمان بن مهران الكوفي - عن إبراهيم التيمي -وهو إبراهيم بن يزيد بن شريك الكوفي التيمي - عن أبيه عن أبي مسعود الأنصاري قال: (كنت أضرب غلاماً لي فسمعت من خلفي صوتاً: اعلم أبا مسعود! لله أقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! هو حر لوجه الله؛ فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار)]، أي: للفحتك النار يوم القيامة، حيث يقتص الله عز وجل لهذا العبد أو لهذا المملوك منك بالعذاب في النار.
قال: [وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لـ ابن المثنى قالا: حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن سليمان].
وإذا روى شعبة عن سليمان؛ فاعلم أنه سليمان بن مهران الأعمش.
قال: [عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي مسعود: (أنه كان يضرب غلامه، فجعل يقول: أعوذ بالله! فجعل يضربه).
ويبدو أن الغضب كان قد تسلط عليه جداً، حتى أنه لم يسمع استعاذة العبد بالله أول مرة، وقد يغضب الشخص غضباً شديداً فيضرب امرأته أو ولده فيستعيذ بالله ويستجير به وهو لا يكف عنه، وليس هذا من باب عدم تعظيم الله عز وجل وإجلاله، ولكن ثورة الغضب قد تطغى على عقله، فيندفع يضرب ولده ليس تهاوناً بأمر الله تعالى واستخفافاً بهذه الاستعاذة، وإنما فرط الغضب أدى به إلى ذلك، مع إجلاله وتعظيمه لله عز وجل.
قال: [(فقال الغلام: أعوذ برسول الله! فتركه)].
والذي يعظم رسول الله فمن باب أولى لابد أن يعظم الله عز وجل، وإذا كان العبد لا يعظم الله فتعظيمه لرسول الله لا ينفعه، وربما استعاذ هذا الغلام برسول الله بعد أن هدأت ثورة سيده شيئاً ما فأدرك استعاذة المضروب أو المملوك.
قال: [(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لله أقدر عليك منك عليه، قال: فأعتقه)]، أي: أبو مسعود.
قال: [وحدثنيه بشر بن خالد أخبرنا محمد بن جعفر عن شعبة بهذا الإسناد، ولم يذكر قوله: (أعوذ بالله)، أو قوله: (أعوذ برسول ال