[بيان ما أعده الله للشهيد في الجنة]
عن ابن مسعود حدث: أن الثمانية عشر الذين قتلوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الله أرواحهم في الجنة في طير خضر تسبح في الجنة، أو تطير في الجنة كما ثبتت بذلك الروايات.
وعن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الشهداء ببارق نهر بباب الجنة -أي: بجانب نهر بباب الجنة- في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم غدوة وعشية).
وعن المقدام بن معد يكرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن للشهيد عند الله سبع خصال) سبع كرامات وخلال للشهيد عند الله عز وجل، وهذا ليس على سبيل الحصر، فإن للشهيد عند الله أكثر مما في هذا الحديث مما بينته بعض النصوص الأخرى.
قال: (أول خطوة يغفر له عند أول دفعة من دمه -يغفر له الكبائر والصغائر عند أول دفعة من دمه- ويرى مقعده من الجنة، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين ثنتين وسبعين زوجة) وهذا العدد الهائل من الحور العين ليس إلا للشهيد، وأما بقية المسلمين فإنه كل مسلم يتزوج باثنتين فقط.
قال: (ويجار من فتنة القبر -يأمن فتنة القبر- ويأمن يوم الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة الواحدة منه خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه).
أرأيتم هذه الكرامات هذه؟ وهناك كرامات أخرى للشهيد.
وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن للجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين كل درجتين ما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنها وسط الجنة وأعلاها، وفوقها عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة).
وعند أبي داود: أن رجلاً سمع ولده يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: يا بني! إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (سيأتي أقوام يعتدون في الدعاء والطهور، إذا سألت الله فاسأله الفردوس الأعلى) فمن دناءة الهمم أن تسمع رجلاً أحياناً يقول: يا رب! أدخلني الجنة وإن كنت آخر الناس دخولاً الجنة، أي أنك رضيت لنفسك أن تكون آخر الناس دخولاً الجنة، ورضيت لنفسك أن تدخل النار فتمكث فيها ما شاء الله أن تمكث حتى تكون أنت آخر الموحدين خروجاً منها ودخولاً الجنة، فهذه همة دنيئة جداً، لماذا لا تقول: اللهم إني أسألك الفردوس الأعلى، منازل الأنبياء والشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقاً؟ أصحاب المنازل العليا في جنة عرضها السماوات والأرض، وفوقها عرش الرحمن.
وعن أبي أمامة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بينما أنا نائم أتاني رجل فأخذ بضبعه -أي: بعضده- من هاهنا، ثم أشرف بي شرفاً آخر -أي: صعد بي مكاناً عالياً- فإذا ثلاثة نفر يشربون من خمر لهم) يشربون من خمر الجنة، أما من شرب خمر الدنيا حُرمها في الآخرة، وخمر الآخرة لا سكر فيها ولا مضرة.
قال: (فإذا ثلاثة نفر يشربون من خمر لهم، فقلت: من هؤلاء؟ قال: جعفر وزيد وابن رواحة) وهؤلاء استشهدوا في غزوة مؤتة على هذا التتابع.
وعن أنس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من نفس لها عند الله خير يسرها أن ترجع إلى الدنيا فتقتل إلا الشهيد) أي: كل واحد يموت، ويرى مقعده من الجنة، وتطمئن نفسه، ويتمنى ألا يرجع إلى الدنيا قط إلا الشهيد (يتمنى أن يرجع فيقاتل فيقتل، ثم يرجع فيقاتل فيقتل) لما له من خير عظيم، وهذا لا يكون إلا بفضل الشهادة في سبيل الله.
قال: (لما يرى من فضل الشهادة) أي: في سبيل الله عز وجل.
وعن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أهل الجنة أحد يسره أن يرجع إلى الدنيا وله عشرة أمثالها إلا الشهيد، فإنه ود لو أنه رُد إلى الدنيا فقتل شهيداً عشر مرات لما يرى من الفضل).
إن شباب اليوم لو وضعوا في الصحراء، وكان معهم رجل صادق مع الله عز وجل، يعظهم ويذكرهم بالله، ويبين لهم فضل الجهاد وفضل الإقدام وخطورة الإحجام، فإن هذا الشباب سيأكل الأرض أكلاً، ولو أنهم ذهبوا إلى فلسطين فبصقوا على اليهود لأغرقوهم في البصاق.
جيش من الشباب يحرص على الموت حرص اليهود على الحياة، فاليهود يريدون الحياة وإن كانت مهينة، أما المسلم فالأصل فيه أن يعيش عزيزاً كريماً، وأن يموت على هذا النحو كذلك.
ولو فتح باب الجهاد لأتوا الملايين من الشباب من كل بلد عربي وإسلامي، فلِم لا تسمح حكومتنا بذلك؟ وإذا أرادت التخلص من الشباب فإن الجهاد فرصة للتخلص منهم، فلماذا لا يتخلصون منا؟ ألم نزعجهم؟ فنحن بهذه اللحى غصة في حلوق كثير من الطوائف، فلماذا لا يتخلصوا منا بهذه الطريقة؟ فنحن نريد أن ننال فضل الشهادة، وأنتم أيها الحكام! ستتخلصون منا ومن اليهود في وقت واحد، وستتفرغون للأجيال القاد