للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشرك بالله عز وجل]

ومن أعظم هذه النواقض وأخطرها: الشرك بالله عز وجل، وهو شرك العبودية، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} [النساء:٤٨]، وقوله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:٤٨] يدل على أن من أتى بالأصل نفعه المقتضى، ومن لم يأت بالأصل لم ينفعه المقتضى، فمن أتى بالتوحيد الكامل نفعه بعد ذلك واجبات الشرع، من الصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها، ونفعته النوافل والسنن، ومن أتى بكل الفرائض والنوافل والسنن وأشرك مع الله عز وجل إلهاً غيره لا ينفعه ذلك ألبتة.

وهذا فيه رد على سؤال من يسأل: لو أن رجلاً صلى قبل أن ينطق بالشهادتين هل لا يعتبر مسلماً، رغم أنه يتشهد في الصلاة، ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ ونقول: هذه الصلاة باطلة، ولا يدخل في الإسلام بها؛ لأنها انعقدت في حال كفره وشركه بالله، فيبقى على كفره، فهي غير صحيحة ولا مقبولة؛ لأنها انعقدت في أولها والمرء غير مسلم، والله تعالى يقول: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة:٧٢].

ومن أنواع الشرك بالله دعاء الأموات، أي: أن يدعو المسلم رجلاً ميتاً، سواء كان صالحاً أو غير صالح، أو أن يستغيث به أو ينذر له أو يذبح له؛ لأن هذه العبادات لا يجوز صرفها إلا لله عز وجل، فالذبح عبادة، والاستعانة عبادة، والاستغاثة عبادة، والدعاء عبادة، والخوف عبادة، والرجاء عبادة، وسائر أصناف العبادة إذا صرف منها شيء لغير الله فقد وقع الصارف في الشرك بالله عز وجل.