[باب فيمن يود رؤية النبي عليه الصلاة والسلام بأهله وماله]
(باب فيمن يود رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بأهله وماله).
يعني: الإنسان يتمنى أن يرى النبي عليه الصلاة والسلام ولو كان ثمن ذلك أن يفقد أهله وماله، وهذه منزلة عظيمة جداً كلنا يدعيها، ومعظمنا كاذب فيها، كلنا يقول هذا بلسانه، لكن عند العمل والمحك كل منا لن يقدم ماله وأهله على رؤية النبي عليه الصلاة والسلام بل على رؤية الله عز وجل يوم القيامة، أكثر ما يزعم الناس زعماً وحقيقة ذلك لا تظهر إلا عند المحك، النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث سفيان بن عبد الله لما سأله:(قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك، قال: قل آمنت بالله ثم استقم)، ومعظم الأمة اليوم يقولون: آمنا بالله، وقلوبنا عامرة بالإيمان بالله، وبالإسلام والتوحيد، لكنهم عند العمل ترى عجباً، أعمالاً تخالف الأقوال، ولكنها توافق حقيقة ما في القلب؛ لأن القلب لو امتلأ بوازع الإيمان لنهاك هذا الوازع عن اقتراف الكبائر بل والصغائر، لكن المرء سرعان ما يبادر كذباً بذكر محبة الله تعالى ومحبة رسوله، وتقديم محاب الله ومحاب رسوله على محابه ولكنه حين المحك تظهر الحقيقة.
والمؤمن لا يقدم على الله ورسوله وشرعه أحداً مهما كان، وأعظم الناس حقاً عليك الوالدان، ومع هذا نهانا الشرع أن نطيعهما فيما حرمه الله عز وجل، وناهيك بعد الوالدين عن كل إنسان بعد ذلك أنت صاحب حق عليه، فالوالدان لهم حق عليك وليس لأحد من الناس بعد ذلك له حق عليك، بل أنت حقك على الناس من زوجة وولد، فالكل مطلوب منه أن يطيعك، وأنت مطلوب أن تطيع الوالدين في غير معصية الله عز وجل، قال عليه الصلاة والسلام (لا طاعة إلا في المعروف)، وفي رواية:(لا طاعة -أي: للوالدين- في معصية الله عز وجل).
قال النبي عليه الصلاة والسلام:(من أشد أمتي لي حباً ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله)].
قوله:(من أشد أمتي لي حباً) ولم يقل: أشد أمتي، وإنما ذكر (من) التي تفيد التبعيض، يعني: فئة من المسلمين من أمتي يكونون من بعدي أشد حباً لي ويتمنون أنهم لو رأوني وأن يكون ثمن ذلك ومقابله فقدان الأهل والولد، أو فقدان الأهل والمال، والأهل يعني الزوجة والأولاد.