الألفاظ الصريحة في الشرع لا تستعمل لغير معناها المراد أصلاً
يقول العلماء: قول الرجل لامرأته: أنت طالق، هذا لفظ صريح، واللفظ الصريح لا يحتاج معه إلى نية.
بخلاف اللفظ الضمني، لو قال لامرأته: اخرجي من بيتي، أو اغربي عن وجهي، أو الحقي بأهلك، فنقول له: ما هي نيتك في ذلك؟ لأن هذه اللفظة يجوز أن تكون للتهديد، ويجوز أن تكون لمجرد الزيارة؛ فقوله لها: الحقي بأهلك يعني: اذهبي لزيارتهم؛ لأنها لم تزرهم من مدة طويلة، ففي هذه الحالة لابد من سؤاله عن نيته، لكن لو كان اللفظ صريحاً، كأن يقول لها: أنت طالق، ففي هذه الحالة هذا طلاق واضح، سواء قصد أو لم يقصد، نوى إيقاع الطلاق أو لم ينو؛ لأنه صريح لا يحتاج إلى نية، فإذا قال: أنا لم أنو، نقول: لا تتلاعب بألفاظ الشرع؛ لأن الشارع قد وضع لفظ:(أنت طالق) لإيقاع الطلاق، فلا يجوز أن تستخدم هذا اللفظ في غير محله، وما أعد له في الشرع.
فمثلاً: أحد كبار القوم يفتي ويقول: من لم يخرج ثلاثة أيام في الشهر، أو أربعين يوماً في السنة، أو أربعة أشهر في العمر فهو كافر مرتد، هكذا قال، وهو من كبار القوم، فلما ناقشناه في ذلك، قال: أنا ما قلت، وهذا الكلام ملفق علي، فلما وجدنا الشريط الموجود فيه هذا الكلام، وسمعه بنفسه، أحرج، فأراد أن يخرج من هذا، وقال: معذرة، نحن معاشر الجماعة لنا معان خاصة لمصطلحات خاصة.
نقول: هذا كلام لا يوافق شرعاً ولا لغة؛ لأن الشارع وضع كلمة (مرتد) لشيء معين، وكلمة (كافر) لشيء معين؛ فلا يجوز التلاعب بهذه المصطلحات التي لها مدلول صريح، فأنا عندما أقول: فلان هذا كافر مرتد، ماذا تفهم من ذلك؟ تفهم منه أنه خرج من الملة، فلا يجوز استخدام هذه المصطلحات في غير ما وضعت له لغة ولا شرعاً، أما أن تطلقها على الناس وبعد ذلك تقول: هذه مصطلحات خاصة، فبأي دليل صارت هذه المعاني خاصة؟ هذا هروب من المأزق فقط، لكن هب أننا سنسلم أن لها معاني معينة مخصوصة عندكم في الجماعة، فهذه الجماعة تتكون من أناس لا علاقة لهم بالعلم الشرعي، ولا بالتكاليف الشرعية، بل ربما معظمهم لا يصلي ولا يصوم، وقد جمعتهم من المقاهي والطرقات وغير ذلك، ثم أنت تسمعهم وعلى الملأ في خطبة الجمعة هذا الكلام، فإنه قد يأتي إلي أنا ويسألني: هل خرجت يا شيخ؟! فأقول له: لا، فيقول: أنت كافر مرتد.
إذاً: هذه الجماعات ستتحول من صوفية إلى خوارج في المستقبل، أن تتكون لدى عامة الجماعة فكرة أن من ترك الخروج فهو مرتد وكافر.
قبل ذلك كنا نعاني من جماعة التكفير، ولا زلنا نعاني منهم بعض الشيء، لكن بحدود، وأنا أخشى في المستقبل أن نعاني من هذه الجماعة، جماعة الدعوة والتبليغ.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.