للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شبهة حول تسمية القرآن لأصنام المشركين آلهة والرد عليها]

فإذا قال قائل: كيف تقرون هذه الشهادة مع أن الله تعالى في كتابه يثبت أن هناك آلهة أخرى غيره، كما قال تعالى: {فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الشعراء:٢١٣]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [المؤمنون:١١٧].

قال: ((وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) أي: ومن يدع مع الله إلهاً آخر فإنما حسابه عند ربه؟ وقوله: ((لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ)) جملة خبرية اعتراضية، يقرر الله عز وجل فيها أن من عبد مع الله عز وجل إلهاً آخر لا يكون له عليه دليل ولا برهان، وبعض القراء يفهم من هذا أنه يجوز له أن يدعو مع الله عز وجل إلهاً آخر إذا كان له برهان، وهذا مثل الذين يؤولون ويحرفون الكلم عن مواضعه في قوله تعالى: {لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران:١٣٠].

فيقولون: نحن لا نأكله أضعافاً مضاعفة.

وهذا فهم خاطئ لكلام الله عز وجل وآياته، وهو تحريف للكلم عن مواضعه.

فقوله: ((وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ)) تقرير من الله عز وجل وإخبار بأن من دعا مع الله إلهاً آخر، فهذا الإله لا برهان له لا من جهة نفسه، ولا من جهة من ألهه وعبده، فلا يكون له دليل على صرف العبادة إلى غير الله عز وجل، ولذلك عقب الله تعالى بقوله: ((فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) أي: سيعاقبه عليه يوم القيامة، وأتبع ذلك بقوله: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون:١١٧].

وقال الله عز وجل: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} [هود:١٠١]، وقال تعالى على لسان إبراهيم: {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} [الصافات:٨٦]، أي: تبغون وتشرئب أعناقكم إليها، فأنتم تعبدون إفكاً وزوراً، وتعبدون التراب الذي صنعتموه بأيديكم، فتتوجهون إليه بالعبادة والتأله وأنتم قد صنعتموه بأيديكم، أفليس لكم عقل وفكر وقلوب واعية؟! ف

الجواب

أن ألوهية ما سوى الله تعالى باطلة، وهي مجرد تسمية فقط، ولذلك قال سبحانه وتعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم:٢٣].

فسماها الله تعالى آلهة باعتبار تسميتهم هم، ثم ذكرها في معرض النقص والذم والتوبيخ والعجز، وأنها لا تملك نفعاً ولا ضراً، وكل ذلك بيد الله عز وجل، فهي باطلة، وما عبدها وتأله إليها إلا من ضل فهي ليست أهلاً لأن تعبد، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} [لقمان:٣٠].

وهذان النوعان من أنواع التوحيد -توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية- لم يكن يجحدهما ولا ينكرهما أحد من أهل القبلة المنتسبين إلى الإسلام من قبل، ولكن هناك الآن من ينكر توحيد الألوهية، وهناك من ينكر توحيد الربوبية، وهذه الأمة لن تعدم خيراً، ولن تعدم شراً كذلك، فهناك من بني جلدتنا من يتكلم بألسنتنا بل ويتكلم بالكتاب والسنة -عياذاً بالله- وينكر أموراً معلومة من الدين بالضرورة، ويزحزح ثوابت ثبتت في قلوب الأمة وفي عقولها.

وحسبنا الله ونعم الوكيل.

والهنود يعبدون البقرة، وهناك من يعبد الملائكة، وهناك من يعبد الشيطان، وهناك من يعبد الشجر والحجر والشمس والقمر، وغير ذلك من المعبودات التي هي من خلق الله عز وجل.