[أقوال أهل العلم في حكم الاستعانة بذوات المشركين أو سلاحهم]
في هذه الغزوة استعار النبي صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية السلاح، إذا لم يكن مع المسلمين سلاح كافٍ، فاستعار النبي عليه الصلاة والسلام من صفوان بن أمية السلاح وكان لا يزال على الشرك.
وفي هذا وقفة لأهل العلم: صفوان بن أمية قال للنبي صلى الله عليه وسلم حينما استقرضه السلاح قال: (يا محمد أنهبة؟! -أي: أنك تأخذ السلاح وتنكر؟ - فقال النبي عليه الصلاة والسلام: بل عارية مؤداة).
فهذا هو أدب النبوة، استعارة ترجع إلى صاحبها مرة أخرى، لكن الموقف الذي وقفه أهل العلم هنا هو: مدى الاستعانة بالمشركين بسلاحهم أو بذواتهم، وهل هناك فرق بين هذا وذاك؟
الجواب
نعم.
هناك فرق، فالاستعانة بسلاح المشرك محل اتفاق بين أهل العلم إذا دعت الضرورة إلى ذلك، والحاجة ماسة أن أستعين بسلاح المشرك دون المشرك فهو أمر جائز، وعلى ذلك درجت الأمم كلها المؤمنة والكافرة، وإن لم يخطر ببالهم حكم هذه المسألة في الشرع، إلا أننا لا زلنا نشتري السلاح من هنا وهناك من بلاد الكفر، وشراء السلاح من بلاد الإسلام أولى من بلاد الكفر، لكن الشاهد هنا: لو احتجنا إلى سلاح من بلاد الكفر، هل يحل لنا أن نشتري منهم، أو أن نستعيره؟
الجواب
نعم.
باتفاق، فلا يأت آت ويقول: لا يجوز لمسلم أن يشتري سلاحاً أو أن يستعيره من كافر، فإن قال ذلك فقد خالف الإجماع.
أما الاستعانة بذوات المشركين ومعهم السلاح، فمحل نظر بين أهل العلم على مذاهب شتى: المذهب الأول: الجواز، ودليلهم في ذلك: أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما أراد أن يهاجر من مكة إلى المدينة استعان بمشرك ليدله على الطريق.
المذهب الثاني: عدم الجواز وهم جماهير العلماء.
ودليلهم في ذلك: أن رجلاً عرض نفسه للقتال مع النبي عليه الصلاة والسلام من المشركين ضد المشركين مع المؤمنين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هل أسلمت؟ قال: لا.
قال: ارجع فإنا لا نستعين بمشرك) وهذا الذي يترجّح لدي في هذه القضية.
المذهب الثالث: جواز الاستعانة بالمشرك بشروط، وهو المذهب الراجح، فانظر إلى هذه الشروط، وأنزل هذه الشروط على واقع المسلمين اليوم.
الشرط الأول: أن يكون المشرك ذليلاً عند المسلمين.
أي: لا يكون صاحب شوكة ولا نجدة ولا نصرة كما اتخذ النبي عليه الصلاة والسلام هذا المشرك ليدله على الطريق فقط، لكن لا علاقة له بأصل الهجرة، فما هو إلا دليل يدل في مقابل مال لا يُخشى منه إلحاق أي أذى بالنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فهذا الرجل كان في موطن الذل وموطن الضعف، فلا يخشى منه أن يفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه.
الشرط الثاني: أن يكون المسلم قوياً منصوراً صاحب الغلبة.
الشرط الثالث: أن يكون في قدرة المسلم الاستغناء عن الكافر متى تسنى له ذلك، على ألا يرد عليه المشرك قوله.
أي أن أمريكا تخرج من البلد، لا بد أن يخرجوا، أما أن يأتوا ويبنوا المستوطنات ويحفروا آبار البترول، فحينئذ لا يجوز مطلقاً ما فعله المسلمون اليوم، هؤلاء المترفون المنعّمون، الذين لا قِبل لهم بحرب الكافرين مع ضعف الكافرين وهوانهم على الله عز وجل، إلا أنه حينما شابههم المسلمون في الترف والتنعّم رفع الله تعالى عليهم هؤلاء المشركين.
وغير ذلك من الشروط التي تبحث في محلها، ليس هذا أوانها.