الرجل يعرف بأربع: إما بكنيته، والكنية لابد وأن يسبقها حرف أبو، وإما باسمه ونسبه، فإذا قلت: سفيان فقيل: سفيان من؟ فقلت: ابن سعيد الثوري فقد عرف، وإن قلت: سفيان بن عيينة فقد عرف.
فلابد في معرفة الرجل من ذكر اسمه مجرداً، وإن لم يكن علماً عليه فينبغي ذكر نسبه حتى يتميز عن غيره، خاصة وإن كان معه في الطبقة من يتسمى باسمه أيضاً؛ حتى لا يختلط بغيره.
وإما بذكر لقبه أو نسبته سواء كانت نسبة بلد، فيقال: فلان المصري أو المكي أو العراقي أو الكوفي أو البصري، أو نسبته إلى حرفة كفلان الجزار أو الحداد، أو نسبته إلى صنعة، كفلان الحائك أو الصائغ، أو نسبته لمكان أو لغير ذلك.
وأما الألقاب فمنها القبيح ومنها الجيد، فإذا كان اللقب جيداً فلا بأس به، ولا يحتاج هذا إلى إذن الملقب لندائه بهذا اللقب، وإذا كان قبيحاً فلا ينادى به، والأصل في ذلك قول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ}[الحجرات:١١].
فهذا من التنابز بالألقاب، ولكنه يباح لضرورة، مثل النصيحة في الدين، أو لتمييزه إن لم يمكن تمييزه إلا بذكره بهذا اللقب، فإذا قيل مثلاً: حدثنا إسماعيل لقيل: من إسماعيل؟ فإذا قيل: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم وعددنا خمسة أسماء أو أكثر من ذلك لربما عسر على المستمع إدراك وتمييز من هذا الراوي، فلو قيل: حدثنا ابن علية لعرف، وعلية أمه، وهذا لقب له، فنسب إلى أمه، وكان يكره ذلك، ولكنه لا يعرف إلا بهذا، فيحرم ذكره بهذا اللقب على سبيل الذم والتنقص، ويجوز على سبيل المصلحة والتمييز والتعريف عن غيره.
ويا حبذا قول الشافعي عليه رحمة الله! وهو الذي بلغ في الأدب مبلغاً عظيماً، فكان يجمع بين ذكر الراوي بلقبه والتبري من التنابز بالألقاب، فكان يقول: حدثنا إسماعيل الذي يقال له: ابن علية، يعني: لست أنا القائل، فهنا حصل التمييز وحصل التبري.