[خطأ النووي في تأويله لليد في قوله تعالى:(بل يداه مبسوطتان)]
قال: معنى لبيك: إجابة بعد إجابة ولزوم لطاعتك، فتثنى للتوكيد لا تثنية حقيقية، بمنزلة قوله تعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة:٦٤].
قال الإمام النووي: أي: نعمتاه، وأنتم تعلمون في أثناء دروسنا لكتاب أصول الاعتقاد للإمام اللالكائي أن اليد الثابتة لله عز وجل لا يجوز صرفها عن ظاهرها، وهو معتقد أهل السنة والجماعة، لا يجوز صرف صفات الله عز وجل عن حقيقتها المرادة لله عز وجل اللائقة بعظمته وجلاله، فإذا قال سبحانه:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة:٦٤]، إذاً: اليد هنا محمولة على حقيقتها ولا يجوز صرفها إلى غيرها من المعاني.
فاليد تأتي في لغة العرب أحياناً بمعنى: النعمة، تقول: فلان له يد على فلان، يعني: له فضل ومنة ونعمة وغير ذلك، لكن السياق هو الذي يحكم القضية، هذا فيما يتعلق بالخلق.
أما إذا كان الأمر متعلقاً بالخالق تبارك وتعالى فإن الصفات الواردة في الكتاب والسنة لابد من حملها على حقيقتها على المعنى اللائق بالله عز وجل.
ولذلك أخطأ النووي رحمه الله في تأويل هذه الآية، قال:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة:٦٤]، أي: نعمتاه، مع أن الله تبارك وتعالى نعمه كثيرة لا يمكن أن نحصرها، قال الله تعالى عنها:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}[إبراهيم:٣٤]، ولم يقل نعمَ الله؛ لأنها اسم جنس لجميع النعم.
فأراد الله عز وجل بهذه الآية بيان كثرة نعمه على الخلق، وأن المحصي لها والعاد لها إذا أراد أن يعدها فإنه لا يقدر على ذلك، ولا يمكن لأحد من الخلق أن يحصيها مهما بلغ عقله وذكاؤه.
قال:((بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ))، على تأويل اليد بالنعمة هنا، ونعم الله تعالى لا تحصى.
وقال يونس بن حبيب البصري: لبيك اسم مفرد لا مثنى، قال: وألفه إنما انقلبت ياء لاتصالها بالضمير كلدي، وعلى مذهب سيبويه: أنه مثنى بدليل قلبها ياء مع المظهر، وأكثر الناس على ما قاله سيبويه.