والعبد يفترق عن الحر فيما يتعلق ببعض الأحكام، لا بأصل الأفضلية، فإنه لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، ولا لحر على عبد، ولا لعبد على حر إلا بالتقوى، وهذا في يوم القيامة، وأما في الدنيا فإنهما يختلفان في بعض الأحكام، فلو أن حراً اتهم حراً بالزنا بغير بينة ولا شهادة فإنه يجلد حد القذف؛ لأنه اتهم عرض الآخرين بغير بينة، بل لو رأى ثلاثة نفر رجلاً يزني بامرأة ورأوا الإيلاج، فلا يحل لهؤلاء الثلاثة أن يقولوا: فلان زان، أو زنا بفلانة، إلا أن يكونوا أربعة؛ لأن هذا من شرط الشهادة في الزنا، فلو قام هؤلاء الثلاثة وشهدوا عند الحاكم أو القاضي بأن فلاناً زنى بفلانة فإنه يجب على القاضي أن يقيم عليهم حد القذف؛ لعدم اكتمال عدد شهود الزنا، ولو حلفوا مع هذه الشهادة أيماناً مغلظة فإن ذلك لا يصلح ولا ينفعهم، بل لابد من بلوغ الأربعة.
وأما لو اتهم سيد عبده بالزنا فإنه يقام عليه الحد لكن في يوم القيامة، وأما في الدنيا فلا، وهذا مجمع عليه، ولكن يعزر قاذفه، يعني: يعزر السيد، ولا يقام عليه الحد إلا في الآخرة.
والتعزير باب واسع ومتروك لاجتهاد السلطان، بخلاف الحد فإنه لا اجتهاد للحاكم أو السلطان فيه.
وإذا بلغه ما يستوجب الحد فليس حراً بأن يقيمه أو لا يقيمه، بل لابد من إقامته؛ لأن هذا حق الله عز وجل، وإذا تاب العبد بينه وبين ربه قبل أن يبلغ الحد إلى السلطان فإنه لا يلزمه إقامة الحد، كما أنه لا يلزم العبد كذلك أن يبلغ أمره إلى السلطان؛ لأنه تكفيه التوبة بينه وبين الله عز وجل.
قال: فيه إشارة إلى أنه لا حد على قاذف العبد في الدنيا، وهذا مجمع عليه، ولكن يعزر قاذفه؛ لأن العبد ليس بمحصن، وسواء في هذا كله من هو كامل الرق وليس فيه سبب حرية، وكذلك المدبر.