والركعتان ليستا من أعمال الحج والعمرة، والإتيان بهما ليس بلازم، كما أن الاغتسال ليس بلازم، فلم يأت دليل على أن للحج أو للعمرة ركعتين أو غسلاً.
ولكن جماهير الفقهاء استحبوا ذلك من باب التطيب للقاء الله عز وجل ولا بأس بهذا المعنى، لكن الذي أنبه عليه أن ذلك لو فاتك فلا إثم عليك.
والعلماء اختلفوا: هل يجوز الإحرام بالنسك بدون صلاة؟ والاتفاق على أن الإحرام بالنسك بغير صلاة جائز وهذا إجماع، لكنهم قالوا: باستحباب أن يكون الإهلال بالنسك بعد الصلاة، إلا أن توافق صلاة فرض فإن ذلك يجزي ويكفي.
إذا دخلت مسجد الميقات ووجدت الناس يصلون الفرض فصل معهم ولا تصل شيئاً بعد ذلك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يخص الإحرام بركعتين، إنما الركعتان اللتان صلاهما هما صلاة الصبح، ثم انطلق من المسجد وركب الدابة وأهل، فيجوز عقد الإحرام بعد صلاة الفرض أو بعد صلاة سنة راتبة أو غير راتبة كتحية المسجد في مسجد الميقات أو سنة الوضوء، ولكن بعض أهل العلم قال: ولا بأس أن يجعل للإحرام ركعتين وهما مسببتان، واعتبر أن نية الدخول في النسك سبب لأداء هاتين الركعتين ولو كان ذلك في وقت الكراهة.
ووقت الكراهة: هو من بعد صلاة العصر حتى صلاة المغرب لمن لم يدرك العصر، ومن بعد صلاة الصبح حتى طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح أو رمحين لمن لم يدرك الصبح، ووقت عمودية الشمس في كبد السماء، يعني: قبيل الظهر بدقائق، هذا الوقت لا تجوز الصلاة فيه؛ لأنه وقت تسعر فيه جهنم، ولذلك نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام وقال:(لا صلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)؛ لأنهما وقتان كان المشركون يسجدون للشمس فيهما، وقال عليه الصلاة والسلام:(فإن الشمس تشرق وتغرب بين قرني شيطان) ولذلك نهى عن ذلك، حتى لا تتشبه بمن يعبد الشيطان، فإنه يسجد للشيطان في هذين الوقتين؛ وقت الغروب ووقت الشروق.
ولكن الراجح من أقوال أهل العلم أنك إذا صليت في المسجد ركعتين بنية تحية المسجد أو سنة الوضوء فإنه لا بأس بذلك حتى ولو كان في وقت الكراهة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما نهى عن الصلاة في هذه الأوقات نهى عن الصلاة المطلقة، بخلاف الصلاة ذات السبب، بمعنى: لو أن رجلاً صلى العصر وجلس في المسجد لا يصح له أن يقوم فيأتي بركعتين وأربع وست وثمان وعشر؛ لأن هذه الصلاة لا سبب لها.
أما إذا دخلت المسجد وقد صليت العصر في مسجد آخر فقبل أن تجلس تصلي ركعتين مع أن هاتين الركعتين وقعتا في وقت الكراهة؛ لكن لا كراهة فيهما هنا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:(إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، فسبب الركعتين دخول المسجد.