للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرح حديث أبي بكر: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)

قال: [حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي، حدثنا ليث -وهو الليث بن سعد المصري - ح وحدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب -وهو المصري- عن أبي الخير -وهو مرثد بن عبد الله اليزني - عن عبد الله بن عمرو، عن أبي بكر رضي الله عنهما].

وهنا نقطة عظيمة وهي: مدى حرص الصديق على الخير، إذ يطلب من النبي عليه الصلاة والسلام -وهو من هو في المكانة والإمامة والمنزلة- أن يعلمه دعاءً، أو كلاماً يدعو به في صلاته، [فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كبيرا -وفي رواية: كثيراً- ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم)].

إذا العبد يقول هذا الكلام في صلاته، فياحبذا لو كان ذلك في سجوده؛ (لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.

قال: فأكثروا فيه الدعا)؛ لأن السجود هو حالة من العبد يبرهن بها عن مزيد ذله وخضوعه لله عز وجل، إذ إنه يأتي بهامته التي هي أعلى شيء وأشرف شيء في بدن الإنسان فيضعها في الوحل والتراب والرغام لله عز وجل من جهة الحب أو على جهة الحب والعبادة والقرب، فإذا كان العبد يحقق هذا لله عز وجل، فياحبذا لو أنه دعا بدعاء بين يدي الله عز وجل في هذا الموطن وافتقر إلى الله تعالى على نحو قوله: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم).

وفيها: إثبات أن الله تبارك وتعالى غفور رحيم، كما أن فيها صحة مناسبة ذكر هذه الأسماء مع الدعاء، فمثلاً لا يقول العبد: اغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك العزيز القوي المنتقم الجبار.

لا يصلح هذا الكلام، وإنما يصلح أن يسم الله تبارك وتعالى بأسماء تتناسب مع أصل الدعاء.

فمثلاً: لا يصح أن يقول أحدهم: اللهم انتقم من فلان الذي ظلمني إنك أنت الغفور الرحيم.

كيف يتناسب هذا مع هذا؟! إذاً: أنت تذكر من أسماء الله تعالى ما يتناسب مع أصل الدعاء، قال: (إنك أنت الغفور الرحيم)