الاستثناء: هو ما جاء بعد (إلا) غالباً، أو ما كان معلقاً على المشيئة، حتى وإن سبقه يمين، كما لو قلت: والله لأفعلن كذا إلا أن يشاء الله، فقولك: والله لأفعلن كذا، هذا يمين قد انعقد على الجزم بفعل هذا الشيء، فإن لم تفعله ستحنث في اليمين ويلزمك الكفارة، أما إذا قلت: والله لأفعلن كذا إلا أن يشاء الله، أي: إلا أن يشاء الله ألا أفعله فلا أفعله، هذا هو التقدير، فإذا لم تستثن وحنثت لزمتك الكفارة.
والاستثناء دائماً رافع للكفارة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:(من حج أو اعتمر فأهل وشرط؛ فلا حنث عليه).
وقال للمرأة:(أهلي واشترطي على ربك، وقولي: لبيك اللهم عمرة أو حجاً، فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) يعني: تشترط من الميقات.
بعض الناس يتصور أن الدخول في الإهلال والنسك بمجرد لبس الإزار والرداء، وليس الأمر كذلك، حتى لو لبستهما من بيتك فإن النسك لا ينعقد إلا في الميقات المكاني، وهو لأهل مصر الجحفة أو رابغ، ولأهل اليمن يلملم، وللعراق ذات عرق، وللمدينة ذو الحليفة، قال النبي عليه الصلاة والسلام:(هن لهن -أي: هذه المواقيت- ولمن مرَّ بهن من غير أهلهن، لمن أراد الحج أو العمرة).
فهذه المواقيت هي بداية الدخول والتلبس بالنسك، لكن هب أنك قلت: لبيك اللهم عمرة! ثم بدأت تلبي حتى وصلت إلى المطار أو الميناء أو غير ذلك، فإذا هناك من الأعذار ما يسمح للقائمين على الأمر إلى ردك لبلدك، كأن تكون الفيزة مثلاً غير صحيحة، أو أوراقك غير رسمية أو غير ذلك من الأعذار، فأرجعوك إلى صالة المغادرة، وركبت الطائرة ورجعت إلى بلدك، فماذا عليك حينئذ؟ الذي عليك أن تذبح شاة لفقراء الحرم؛ لأنك لم تشترط ولم تقل: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، أما لو اشترطت فأرجعوك فلا شيء عليك ولا دم؛ لأنك قلت: يا رب! أنا تلبست بنسك، فإن حبسني حابس فمحلي، أي: فتحللي من ملابس الإحرام ومواصلة النسك حيث حبستني، أي: في نفس المكان الذي حبستني فيه، ولا حرج علي حينئذ، ولا دم علي حينئذ، فدائماً الاستثناء والاشتراط في اليمين يقطع الحنث، كما يقطع كذلك الكفارة.
فلو قلت مثلاً: والله إني لا أزور فلاناً قط إلا أن يشاء الله، فهذا قد تحقق الشرط المستثنى، وهذا الاستثناء يمنع انعقاد اليمين.