قال المصنف رحمه الله تعالى:[حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء الهمداني -واللفظ لـ يحيى - قال يحيى: أخبرنا وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية -وهو محمد بن خازم الضرير - عن الأعمش -وهو سليمان بن مهران الكوفي - عن أبي صالح] وهو ذكوان السمان، فلقب بـ السمان؛ لأنه كان يجلب السمن والزيت من المدينة فيبيعه في الكوفة، فلقب بصنعته وعمله.
[عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)].
هذا حديث عظيم، وهو أصل من أصول الإسلام، مطلعه يدل دلالة عظيمة صريحة أن الجزاء دائماً يكون من جنس العمل إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، فقال النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث:(من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة).
وفي رواية:(من كرب الدنيا والآخرة).
يجعل الله تعالى جزاء تنفيس هذا العبد لكرب إخوانه أن ينفس عنه كربه أو كرب الدنيا والآخرة.
وهذا المقطع من الحديث جليل القدر جداً؛ ولذلك لا يعرف معناه إلا من وقع في الكرب العظيم، أما من كان في حال السلامة والأمان فإنه لا يشعر بقيمة ولذة هذا الكلام، فإذا وقع الواحد منا في كرب عظيم لا مخرج له إلا أن يقيض الله تعالى له رجلاً ينفس هذه الكربة على يديه، فحينئذ يستشعر رحمة الله عز وجل، ورحمة الإسلام، وعظمة الإسلام، فلذلك كان غير واحد من السلف يقول: لئن أمشي في حاجة أخي لقضائها وتنفيسها أحب إلي من ألف ركعة.
أي: من النوافل.
ودائماً تفضيل الأعمال الصالحة على الصلاة يستثنى منه المكتوبات.
وبعضهم يستثني منه الرواتب.
أي السنن الراتبة.
وإنما كلامهم -أي: مذهب الجمهور- في تفضيل الأعمال على الصلوات.
أي: صلاة النافلة المطلقة بخلاف الفريضة وما يلزمها، وما شرع لها من صلاة راتبة قبلها أو بعدها.