للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أركان العبادة]

والعبادة مبنية على أمرين عظيمين وهما المحبة والتعظيم، والتعظيم يستلزم الخوف، ولو أنك نفذت أمراً من أوامر ملوك الدنيا فإن تنفيذك لهذا الأمر غير تنفيذك لأوامر الله عز وجل، فتنفيذ أوامر المخلوقين ربما يختل فيها شرط من هذين الشرطين، فلو أن جباراً من الجبابرة أمرك أن تفعل شيئاً لفعلته من باب الخوف، ولكنك لا تفعله من باب المحبة أبداً، والعبادة لابد أن تكون قائمة على محبة الله عز وجل والإقبال على هذه العبادة بحب وشغف، ولا بد أن تكون مقترنة بالتعظيم والخوف والرجاء لله عز وجل، فلا بد فيها من الخوف من الله عز وجل ومن عقابه ومن ناره، وكذلك الرجاء في رحمة الله عز وجل وفضله وثوابه وجنته وجزائه الأحسن في الدنيا والآخرة.

قال الله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء:٩٠].

فالرغب المحبة، والرهب التعظيم المستلزم للخوف والرجاء، فبالمحبة تكون الرغبة، وبالتعظيم تكون الرهبة والخوف، ولذلك كانت العبادة أوامر ونواه، أوامر مبنية على الرهبة وطلب الوصول إلى الآمر سبحانه وتعالى، ونواه مبنية على التعظيم والرهبة من هذا العظيم سبحانه وتعالى.

فإذا أحببت الله عز وجل رغبت فيما عنده وفي الوصول إليه، وطلبت الطريق الموصلة إليه، ولا يمكن أن يكون هذا الطريق إلا من خلال النبي صلى الله عليه وسلم، فالطريق إلى الله هو طريق الأنبياء والرسل، وطريق نبينا صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الطرق وجميع الكتب، فينبغي أن يوصل إلى الله عز وجل من خلال نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، والقيام بطاعته على الوجه الأكمل، فإنك إن عظمته خفت منه، وكلما هممت بمعصية استشعرت عظمة الخالق سبحانه وتعالى فنفرت منها، والله تعالى يقول: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} [يوسف:٢٤].

وهذه نعمة من الله على العبد، فإنه إذا هم بمعصية وجد الله أمامه فهابه وخافه وتباعد عن المعصية؛ لأنه يعبد الله تعالى رغبة ورهبة.

فالعبادة تستلزم شرطين: الشرط الأول: المحبة، والشرط الثاني: التعظيم.