أذكر قديماً كتاباً اسمه:(إحكام التقرير في أحكام التفسير) وهو في الحقيقة لأخ أردني اسمه مراد شكري.
أخونا مراد شكري من إخواننا المحبين، وهو في الحقيقة من تلاميذ الشيخ الألباني، ومعلوم أن الاجتهاد في النوازل أمر سائغ.
أما إذا اجتهد السلف في مسألة على قولين، ثم انعقد الإجماع بعد هذا الخلاف، فالمعلوم أصولياً أن الإجماع بعد الخلاف يرفعه، يعني: ينزع الخلاف كأن لم يكن.
فإذا اختلف السلف في مسألة على قولين، أحدهما قال: يجوز، والآخر قال: لا يجوز، ثم تبين لأهل العلم عدم الجواز، وانعقد إجماع أهل العلم على عدم الجواز، فانعقاد الإجماع بعد الخلاف يجعل الخلاف كأن لم يكن، أي: يرفعه تماماً، وبعد ظهور الحق ومعرفة أن التأويل ليس مذهب السلف لا يحصل ثوابه، بل يأثم من فعل ذلك، خاصة وأن رءوس التأويل رجعوا عن تأويلهم.
هذا الأخ يقول: حديث ضباعة يدل على تعجيل الحج.
قالت ضباعة:(يا رسول الله! إني أريد الحج ولكني ثقيلة -أو أشتكي- فقال لها: حجي واشترطي)، لم يقل لها: انتظري إلى العام القادم، أو أن الحج على التراخي، وإنما قال لها:(حجي) أي: الآن، فأمره عليه الصلاة والسلام لها بقوله:(حجي) ليس أمراً يدل على الوجوب، إنما هو للإرشاد والتوجيه باتفاق أهل العلم، وإذا كان الحج على الفور لكان أول من حج بعد الفرض هو النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه حج في آخر حياته، وأنتم تعلمون أن حجة الوداع كانت في السنة العاشرة، وقد مات النبي صلى الله عليه وسلم بعد حجه ببضعة أشهر.
فالراجح من كلام أهل العلم: أن الحج مفروض على التراخي.