[فوائد من أحاديث باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده]
قال العلماء في أحاديث هذا الباب: فيها الرفق بالمماليك، وحسن صحبتهم، وكف الأذى عنهم، كما أجمع المسلمون على أن عتقه بهذا ليس واجباً، وإنما هو مندوب رجاء كفارة ذنبه، فعتق العبد لأجل اللطمة مندوب وليس واجباً، وهذا إجماع.
وهذه الأحاديث فيها إزالة إثم ظلمه، ومما استدلوا به لعدم وجوب إعتاقه: حديث سويد بن مقرن بعده؛ لأن الأمر للوجوب في قوله:(فأمره أن يعتقه).
والأمر للوجوب إلا أن يصرفه صارف، وهذا الصارف في حديث سويد بن مقرن أنه لما اعتذر عن إعتاق العبد لأنهم ليس لهم خادم إلا هو قال عليه الصلاة والسلام:(فليستخدموها، فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها).
ولو كان أمراً واجباً حتماً حالاً لما قبل النبي صلى الله عليه وسلم معذرة هؤلاء.
وأجمع العلماء أنه لا يجب إعتاق العبد بشيء فعله مولاه به.
قال:(واختلفوا فيما كثر من ذلك وكان شنيعاً من ضرب مبرح منهك لغير موجب لذلك، أو حرقه بالنار، أو قطع عضواً له، أو أفسده، أو نحو ذلك مما فيه مثلة -أي: تشويه لبدنه- فذهب مالك وأصحابه والليث إلى عتق العبد على سيده بهذا)، أي: بهذا الضرب أو المثلة، وقال بعض أهل العلم: للعبد على سيده العتق، ويكون ولاؤه له، ويعاقبه السلطان على فعله.
وقال جمهور العلماء: لا يعتق عليه، أي: لا يجب عليه، حتى وإن ضربه ضرباً مبرحاً لا يعتقه، أي: ليس ذلك على سبيل الوجوب وإنما هو على سبيل الندب والاستحباب.
واختلف أصحاب مالك فيما لو حلق رأس الأمة، أو لحية العبد، واحتج مالك بحديث ابن عمرو بن العاص في الذي جب عبده فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم، أي: قطع ذكره، فأمره النبي عليه الصلاة والسلام بإعتاقه.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:(من ضرب غلاماً له حداً لم يأته أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه)، فهذه الرواية مبينة أن المراد ضربه بلا ذنب، وليس على سبيل التعليم والتأديب.