[حمل معاوية بن أبي سفيان لسلمة بن الأكوع على دابته بعد الرجوع من خيبر]
كان سلمة بن الأكوع خادماً لـ طلحة بن عبيد الله، وأنتم تعلمون أن طلحة هذا من المبشرين، وسلمة بن الأكوع يكفيه ما فعل في الحديبية، وما فعل مع غطفان، وبني لحيان، ومع اليهود في خيبر، فهو مجهود لا تقوم به الآن أمة كاملة؛ لذلك أحب النبي عليه الصلاة والسلام أن يكرمه، وكان هناك أماكن على مشارف المدينة لعلية القوم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم حينما يأتيه ضيوف يجعلهم في هذه الأماكن؛ فقال لرجل من أصحابه - وهو معاوية بن أبي سفيان -: (خذ سلمة وأنزله في عوالي المدينة)، وأنتم تعلمون أن معاوية هو الشريف ابن الشريف، فيركب سلمة من أمام المسجد النبوي على ظهر الجمل؛ ويأمر معاوية أن يفزّع الجمل ليقوم، وظل معاوية يسوق الجمل لـ سلمة حتى تضررت قدماه من الحر، فقال: يا سلمة! احملني خلفك، فلم يرد عليه، فلما اشتد عليه الوجع قال: يا سلمة! ناولني نعلك.
قال سلمة: إنما يكفيك ظل البعير، فمشى معاوية في ظل البعير حتى بلّغه مراده.
ومع مرور الأيام أصبح معاوية أميراً للمؤمنين رضي الله عنه وعن أبيه، ويدخل عليه سلمة بن الأكوع حافياً، لكن معاوية كان حليماً وكان سموحاً -قال تعالى:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}[الأعراف:٤٣]- ونزل معاوية واصطحبه حتى أجلسه على سريره، فهؤلاء هم الرجال الذين ربّاهم النبي عليه الصلاة والسلام، ينزل معاوية بنفسه ابتغاء وجه الله قال: يا ابن الأكوع! أترى سريري أفضل أم بعيرك؟ فضحكا وانتهى الموقف على ذلك.