إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:١٠٢].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
مع الباب الثامن والعشرين من كتاب الجهاد والسير:(غزوة حنين).
قال النووي:(باب في غزوة حنين، أو هوازن أو أوطاس)، فكل هذه المصطلحات تُطلق على هذه الغزوة.
فالسبب في تسمية هذه الغزوة بغزوة (هوازن): أن هوازن من سكان الطائف، عز عليهم ما قد فتح الله عز وجل على نبينا عليه الصلاة والسلام من فتح وانتصارات، فقامت بقيادة مالك بن عوف، وجمعوا جموعهم لمقاتلة النبي صلى الله عليه وسلم، ورده إلى الخسارة بعد هذه الانتصارات التي حققها، فنزلوا في واد يسمى بوادي (أوطاس) بين مكة والطائف، في مكان يسمى حنين، وتفرقوا في الشعاب واختبئوا، ونزل النبي عليه الصلاة والسلام باثني عشر ألفاً من أصحابه عشرة آلاف من المدينة وألفين من مسلمة الفتح، نزلوا في هذا الوادي ولم يكن لهم علم بسبق هوازن إلى هذا الوادي، وكانوا قد دخلوا قرابة الصبح، ولا يزال يخلط الظلام بضياء النهار، فقامت عليهم هوازن في تلك البقعة من الأرض، وخرجوا عليهم من الشعاب على حين غرّة، فانقضوا عليهم انقضاضة واحدة، فتفرّق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هنا وهناك كأنهم اعتقدوا أنهم قد غُلبوا، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام ثبت في هذا الموطن ثباتاً عظيماً مما كان سبباً في رباطة جأش أصحابه حينما نادى عليهم: يا أهل الأنصار! يا أهل الأنصار! يا أهل الخزرج! وغير ذلك من النداءات التي ناداها النبي عليه الصلاة والسلام، فاجتمعوا حوله، ولم يجتمع حول النبي عليه الصلاة والسلام حينئذ إلا مائتان من أصحابه عليه الصلاة والسلام من المهاجرين والأنصار، وعلى أيدي هؤلاء تم انتصاره عليه الصلاة والسلام في تلك الغزوة.