[شرح حديث: (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم)]
قال: [وحدثنا أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب]، وأبو الطاهر مصري، وكذلك ابن وهب مصري.
[أخبرني معاوية بن صالح -ومعاوية نزل مصر - عن ربيعة بن يزيد الدمشقي]، ويمكن أن يدخل في هذا البحث أهل دمشق باعتبار أن الشام ومصر كانوا دولة واحدة قبل أن يصبحوا دولتين.
[عن أبي إدريس الخولاني -وهو عائذ الله بن عبد الله، عالم الشام بعد أبي الدرداء - عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم)].
فمن موانع إجابة الدعاء: أن يدعو العبد بإثم أو قطيعة رحم، وهذا مشروط بألا يكون العبد الذي هو الداعي مظلوماً، فإن كان مظلوماً ودعا بإثم على المدعو عليه استجيب له.
فلو دعا مثلاً: يا رب! احرم فلان هذا العلم، وارزقنيه بدلاً منه في الدعاء، ولو كان هذا الداعي من أهل العبادة والورع، فهذا الدعاء لا يستجاب، بل يأثم به الداعي.
ولكن لو كان مظلوماً في مظلمة معينة عند فلان أو عند فلانة فقال: اللهم إن كنت تعلم أن حقي عنده أو عندها فافعل بها كيت وكيت وكيت، ويدعو عليها أو يدعو عليه، فهذا بلا شك دعاء مستجاب؛ لأن هذا دعاء المظلوم حتى وإن كان كافراً.
قال: [(لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستجعل.
قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال؟ قال: تقول: قد دعوت، قد دعوت، فلم أر يستجيب لي).
أي: فلم أر الله تعالى يستجيب لي.
(فيستحسر عند ذلك).
ومعنى يستحسر: ينقطع عن الدعاء، قال الله تعالى: {لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء:١٩].
أي: لا يملون ولا ينقطعون عن العبادة.
قال: [(فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء)].
والمتعدي في الدعاء يأثم بالتعدي، ولا يوجد دليل يقول: إنه ينقلب عليه، وإنما الدليل قائم على أنه يأثم بذلك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.