الرد على شبهة الاستدلال بقوله (لا أملك لك من الله شيئاً) على إنكار شفاعة النبي لأصحاب الكبائر
قوله:(لا أملك لك من الله شيئاً) أي: أنا يا رسول الله! ارتكبت كبيرة وأتيت هذا الوقت لتشفع لي.
فقوله:(لا أملك لك شيئاً) يعتمد الملاحدة على هذه اللفظة في نفي شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لأصحاب الكبائر، ويقولون: لا شفاعة للنبي عليه الصلاة والسلام.
وبلا شك لأول وهلة أن هذه شبهة، والنبي عليه الصلاة والسلام قد ثبت عنه أنه قال:(شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) فما باله عليه الصلاة والسلام يتخلى في هذا الحديث عن صاحب الكبيرة ويقول: (اليوم لا أملك لك من الله شيئاً) قد حذّرتك وقد منعتك وخيرتك في الدنيا فلم تطع.
الجواب
يكون ذلك أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر وفي أول وهلة إذا طلب منه الواحد -وليست الأمة- أن يشفع له يقول: الآن وفي هذا التوقيت لا أملك لك أنت شخصياً وقد حذّرتك، فالنبي صلى الله عليه وسلم يعتذر عن الشفاعة أولاً، حتى يأتي موعدها العام بأمر الله تعالى.
أليس النبي عليه الصلاة والسلام قد قال في حديث الشفاعة:(ثم آتي فأسجد تحت العرش، فأُلهم محامد لم أكن أحمد بها من قبل، فيقول لي ربي تبارك وتعالى: يا محمد ارفع رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفّع)؟ فحينئذ من الذي يأذن له في الشفاعة؟ الله عز وجل.
أما في أول الأمر وفي أول البعث والحشر يأتيه فلان أو علان لوقوعه في كبيرة أو في معصية فيقول له: اشفع لي يا رسول الله! فيقول: الآن وفي هذا التوقيت بالذات أنا لا أملك الشفاعة، فالشفاعة لها وقت مخصوص ومكان معلوم ليس هذا أوانها، فاعتذاره عليه الصلاة والسلام عن الشفاعة أولاً لأن هذا ليس وقتها، إنما وقتها يأتي بعد، ثم يشفع في جميع الموحدين عليه الصلاة والسلام بعد ذلك لا في واحد دون الآخر.