[حكم الحلف بغير ملة الإسلام]
قوله عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال) قال العلماء: إن المقصود به الزجر الشديد، ليس المقصود به الظاهر.
يعني: ليس من قال: واليهودية والنصرانية وحنث؛ فهو يهودي أو نصراني.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فقد أشرك)، فإذا حلف شخص بالنبي فهذا حلف بغير الله؛ فيكون مشركاً حينئذ، ولو أجرينا هذا على ظاهره للزمنا أن نكون من جماعة التكفير، بل من مؤسسي مذهب الخوارج؛ لأن هذا ليس بمقصود، إنما المقصود أن هذا باب عظيم جداً من أبواب ترك الالتزام بشرع النبي عليه الصلاة والسلام، كقول النبي عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من فعل كذا).
ماذا يقول الخوارج في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من خبب امرأة على زوجها)، أو (ليس منا من غير منار الأرض)؟ هم يجرون هذه النصوص على ظاهرها، ويكفرون بمثل هذه النصوص.
ومعنى (منار الأرض): أي: علامات الطريق، فلو أتى شخص على علامة في الطريق مكتوب عليها: طريق السويس مائة وعشرين كيلو، والسهم ذاهب إلى ناحية الشمال، فقام هذا وحول السهم إلى الناحية الأخرى، فالذي يريد الذهاب إلى السويس لا يعرف الطريق فيسلك طريقاً آخر، فالنبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعل هذا.
لقد ضبط الشرع في حياة المسلم كل شيء، حتى الخراءة كما في الحديث، حتى كيفية الاستنجاء، بين لك الإسلام كيف تستنجي، وبأي يد تستنجي، وبأي شيء تستنجي، يعني: لم يترك لك تفعل في خاصة نفسك ما تشاء، بل هو دليلك وقرينك، فالإسلام معك حتى في الحمام.
فالإسلام رحمة عظيمة جداً، ومنة من الله عز وجل على العباد.
فقوله: (ليس منا)، أي: ليس من أخلاقنا ولا من هدينا ولا من سنتنا ولا من طريقنا أو طريقتنا، إنما هو من أخلاق غيرنا، فينبغي ألا يتخلق أحد من المسلمين بأخلاق غير المسلمين التي منها كيت وكيت وكيت مما ذكرت آنفاً.
وليس المقصود أن من فعل ذلك صار كافراً، وهل يصدق أحد أن من غير منار الأرض يكون كافراً؟ هذا لا يصدقه إلا واحد من الخوارج، أو من جماعة التكفير؛ لأنهم يجرون النصوص على ظاهرها.
قال الشيخ: (وإذا كانت اليمين لا تكون إلا بذكر الله، أو ذكر صفة من صفاته؛ فإنه يحرم الحلف بغير ذلك)، يعني: أن الشيخ سيد سابق يرجح حرمة الحلف بغير الله وأسمائه وصفاته؛ لأن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، والله وحده هو المختص بالتعظيم، فمن حلف بغير الله فأقسم بالنبي أو الولي أو الأب أو الكعبة أو ما شابه ذلك؛ فإن يمينه لا تنعقد، ولا كفارة عليه إذا حنث، ولكنه آثم بتعظيمه غير الله، فينبغي عليه أن يتوب إلى الله وأن يستغفره.
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم) إلى آخر الحديث.
وفي حديث ابن عمر أيضاً: (أنه سمع رجلاً يحلف فقال: لا، والكعبة! فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد أشرك).
وقال أبو هريرة: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من حلف منكم فقال في حلفه: باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله).