والإمام النووي ذكر في هذا الباب كلاماً في غاية الغرابة، لكنه ليس غريباً منه؛ لأن الإمام النووي أكثر ما انشغل في حياته بالرواية والفقه، الرواية من جهة الشرح والثبوت والرد، وكذلك كان فقيهاً بارعاً، ولذلك هو الفقيه المعتمد لدى الشافعية.
لكنه في دراسة علم الاعتقاد لم يتأهل التأهل الذي يسمح له في الدخول فيه، لكنه اضطر اضطراراً أن يتكلم فيما يتعلق بشرح الروايات المتعلقة بأحكام الاعتقاد، فأحياناً يوافق كلام الفلاسفة، وأحياناً يذكر الخلافات القوية فيقول: وهذا من الصفات، وأحياناً يقول: هذا من المشتبهات، فيذكر كلام أهل الباطل ويذكر كلام أهل الحق ويسكت.
وأحياناً يرجح، وأحياناً يذكر كلام أصحاب الفرق ويؤيده، وأحياناً يذكره ويعارضه.
فهذه الأحايين كلها في حق الإمام النووي تجعلنا نقول: إنه فعلاً لم يتضح له مذهب الحق فيما يتعلق بالأسماء والصفات.
وهذا ديدنه ليس في كتاب صحيح مسلم فحسب، بل في غير ما كتاب، ولذلك بعد أن ذكر أحاديث الباب قال: هذا من أحاديث الصفات، ونحن متفقون على أن هذا الحديث من أحاديث الصفات.
ثم قال: وقد سبق فيها المذهبان، المذهب الأول: التأويل، والثاني: الإمساك عنه مع الإيمان به، ومذهب السلف هو الإمساك عن كيفيته.