ثم يتكلم هنا ويقول:(قد أجمع المسلمون على أن الكلمة الواحدة من هجاء النبي صلى الله عليه وسلم موجبة للكفر).
وانتبه لهذا الكلام، إذ إن الذي ينقل هذا الإجماع هو النووي رحمه الله تعالى، قال:(قد أجمع المسلمون على أن الكلمة الواحدة من هجاء النبي صلى الله عليه وسلم موجبة للكفر).
يعني: من سب النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر.
وقد نقل هذا الإجماع ابن المنذر وابن تيمية في الصارم المسلول، وابن حزم في كتابه: الإجماع، ونقله غير واحد؛ أن سب النبي عليه الصلاة والسلام كفر، وسب الدين كفر، وسب الله عز وجل كفر، والإجماع منعقد على هذه الثلاث: أن من سب الله تعالى كفر بلا نزاع ولا استتابة، ومن سب دين الله عز وجل كفر، ومن سب نبي الإسلام أو نبياً من الأنبياء كفر، لكن وقع النزاع في سب الدين، وهذا النزاع ذكره ابن تيمية عليه رحمة الله فقال: من سب الدين -مع استكمال الشروط وانتفاء الموانع- أي: لو أن شخصاً عاقلاً حراً غير مكره سب الدين فإنه يسأل: ماذا تقصد بالسب؟ هل تقصد طريقة أو خلق المسبوب؟ أو أنك تقصد دين الله؟ ولذلك أنا دائماً أقول: من سب دين الله، لا من سب الدين؛ لأن دين الله هو دينه الموجود بين دفتي القرآن الكريم وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، فمن سب دين الله الذي هو دين الله المنزل من السماء من عند الله عز وجل على رسوله الكريم بواسطة جبريل، فإنه يكفر بلا خلاف، بل بإجماع أهل العلم.
وأما إن ضربك فلان فأردت أن ترد له الصاع بصاع أو بأكثر فسببت له الدين، فقلنا لك: سب الدين كفر ألا تدري ذلك؟ تقول: نعم أنا أدري أن سب دين الله كفر، ولكني ما قصدت دين الله، وإنما قصدت بسبي دين فلان أي: خلق فلان، فإنه في هذه الحالة لا يكفر بل يعزر، ليسب بأي أنواع السب إلا أن يذكر الدين، وإن قصد به الأخلاق أو المسلك أو غير ذلك، لكنه هنا على أية حال لا يكفر ولا يحد فيها حد الردة.
قال:(وقد أجمع المسلمون على أن الكلمة الواحدة من هجاء النبي صلى الله عليه وسلم موجبة للكفر.
قالوا: بل الصواب: أن المراد أن يكون الشعر غالباً عليه -وهذا في حالة الذم- مستولياً عليه بحيث يشغله عن القرآن وغيره من العلوم الشرعية وذكر الله تعالى، وهذا مذموم من أي شعر كان، حتى وإن كان شعراً إسلامياً).