[حكم أخذ أهل المقتول زيادة فوق الدية التي حددها الشرع]
السؤال
سمعتكم تحكون قصة رئيس مباحث مدينة مصر الذي عذّب شابين حتى مات أحدهما، وأُصيب الآخر إصابات قاسية جداً، وأصيب ببعض التشوهات الدائمة، وتم إيقاف الضابط ومعاونيه، وأمرت النيابة بحبسه أربعين يوماً على ذمة التحقيق بتهمة ضرب أفضى إلى موت وتعذيب بريئين، وذلك بفضل الله ثم بجهود أهل الخير،
و
السؤال
أن الضابط يعرض التعويض على أهل القتيل والآخر بمبلغ ضخم مقداره مليون جنيه، وكذلك تسهيلات في أمور كثيرة مقابل التنازل عن القضية، فهل يعتبر هذا دية شرعية حيث إنهم فقراء جداً، أم لا يجوز أخذ التعويض ويستمر في القضاء؟
الجواب
يا أخي الكريم! النبي عليه الصلاة والسلام حدد الدية، والله تعالى شرع لنا أخذ الدية، فلأهل هؤلاء القتيل أن يأخذوا الدية، والدية أنفع لهم، بل ترك الدية أنفع وأنفع.
قال الله تعالى:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[البقرة:٢٣٧].
والإسلام يخيّرني بين القصاص والدية والعفو، وهذه من خصائص الإسلام؛ لأن الدية عند اليهودية إلزام وعلى القاتل أن يدفع، وعلى ولي القتيل أن يأخذ، فليس هناك تنازل في اليهودية، فالله هو الذي ألزمهم بهذا الأخذ والعطاء على الطرفين، والنصرانية ألزمهم الله تعالى بالعفو، لكن نحن جعلنا في خيار: إما القصاص، وإما الدية، وإما العفو، وهذا من رحمة الله بنا، وقد رفع الله عنا الإصر والأغلال التي كانت على الأمم السابقة.
فهذا الرجل لو عفا تماماً لكان أولى، لكن أنا لا أنصحه بالعفو هنا؛ لأنه قال في السؤال: أنا فقير، فله أن ينتفع بالدية ولا يتعداها، والدية هي (١٠٠) بعير للرجل الحر المسلم، ولو قلنا: البعير بـ (٣٠٠٠) جنيه، فحينئذ تكون الدية ثلاثمائة ألف جنيه، وما دام هذا الضابط عرض مليون جنيه فأنت خذ نصف المليون للذي مات، وللذي أُصيب بتشوهات خطيرة، فالذي مات يأخذ ورثته ثلاثمائة ألف جنيه وهذه ديته الشرعية، والثاني يأخذ بقية المبلغ، أما أن تأخذ مليون جنيه فأين تذهب من الله؟ وأنا أتصور أن العفو في هذه القضايا يأتي بثمار طيبة جداً، وما ترك أحد شيئاً لله إلا عوّضه الله خيراً منه، لكن إذا كنت في حاجة فهو حقك الذي فرضه الله تعالى لك، إن شئت فخذ وإن شئت فدع، لكن لا تأخذ هذا المليون المعروض؛ لأن نصف هذا المبلغ ليس لك، إلا إذا قهرك وضغط عليك أن تأخذه بطيب نفس منه فهنيئاً مريئاً.